للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشارح: وقد أمالوا الألف لألف ممالة قبلها، فقالوا: "رأيت عِمادا ومِعْزانا"، و"حسبتُ حِسابا"، و"كتبتُ كِتابا"، أجروا الألف الممالة مجرى الياء لقُرْبها منها، فأجنحوا الألفَ الأخيرةَ نحو الياء، والفتحةَ قبلها نحو الكسرة، كما فعلوا ذلك فيما قبلها من الألف والفتحة، والغرضُ من ذلك تناسبُ الأصوات وتقاربُ أجراسها، فاعرفه.

[فصل [الأحرف التي تمنع الإمالة]]

قال صاحب الكتاب: وتمنع الإمالة سبعة أحرف وهي الصاد والضاد والطاء والظاء والغين والخاء والقاف إذا وليت الألف قبلها أو بعدها، إلا في باب "رمى" و"باع" فإنك تقول فيهما طاب وخاف وصغى وطغى (١) وذلك نحو صاعد وعاصم وضامن وعاضد وطائف وعاطس وظالم وعاظل وغائب وواغل وخامد وناخل وقاعد وناقف (٢). أو وقعت بعدها بحرف أو حرفين كناشط ومفاريص وعارض ومعاريض وناشط ومناشيط وباهظ ومواعيظ ونابغ ومباليغ ونافخ ومنافيخ ونافق ومعاليق (٣).

* * *

قال الشارح: هذه الحروف من موانع الإمالة، وهي تمنع الإمالة على أوصاف مخصوصة. وإنّما منعت الإمالة؛ لأنّها حروفٌ مستعلِيَةٌ، ومعنى الاستعلاء أن تصعد إلى الحَنَك الأَعْلى، إلَّا أنّ أربعة منها تستعلي بإطباقٍ، وهي الصاد والضاد والطاء والظاء. ومعنى الإطباق أن ترفع ظهرَ لسانك إلى الحنك الأعلى، فينطبق على ما حاذاه من ذلك. وثلاثةٌ منها مستعليةٌ من غير إطباق، وهي العين والخاء والقاف. والألف إذا خرجتْ من موضعها، اعتلت إلى الحنك الأعلى، فإذا كانت مع هذه الحروف المستعلية، غلبتْ عليها كما غلبت الكسرةُ والياء عليها، إذ معنى الإمالة أن يقرب الحرفُ ممّا يُشاكِله من كسرة أو ياء. فإذا كان الذي يشاكل الحرفَ غيرَ ذلك أملته بالحرف إليه.

وهذه الحروفُ منفتحةُ المَخارج، فلذلك وجب الفتحُ معها، ورُفضت الإمالة هنا من حيث اجتُلبت فيما تقدّم، فمن المواضع التي تُمْنَع فيها الإمالة أن تكون مفتوحةً قبل الألف، نحو: "صاعِدٍ"، و"ضامن"، و"طائف"، و"ظالم"، و"غائب"، و"خامد"، و"قاعد". فهذه الألف في جميع ما ذكرناه منصوبةٌ غيرُ ممالة؛ لما ذكرناه من إرادة تجانُس


(١) أي: بإمالة الألف في هذه الكلمات.
(٢) أي: بعدم إمالة الألف في هذه الكلمات.
(٣) أي: بعدم إمالة الألف في هذه الكلمات.

<<  <  ج: ص:  >  >>