للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ياء "القاضي"؛ لأنّها ياءٌ ساكنةٌ بعد كسرة في اسم، فثبتت كسرتُها. والوجه الآخر أن تحذفها فيهما، فتقول: "ضَرَبَنْ"، و"هذا غلامْ"، وأنت تريد: "غلامي"، و"ضربني"؛ لأنّ "نِي" اسمٌ. وقد قرأ أبو عمرو: {رَبِّي أَكْرَمَنْ} (١) و {رَبِّي أَهَانَنْ} (٢) على الوقف. وكان هذا رأي من يقول: "هذا القاضْ" فيحذف الياء. وحذفُ الياء في الفعل حسنٌ؛ لأنّها لا تكون إلّا وقبلها نونٌ، فالنونُ تدل عليها فلا لَبْسَ فيها, ولذلك كثُر في القرآن. فأمّا إذا قلت: "هذا غلامْ"، ووقفتَ عليه بالسكون، فلا يُعْلَم أنّه يراد به الإضافة إلى الياء أم الإفرادُ، ولذلك منع بعض الأصحاب جوازَه لأجل اللبس. وقد أجازه سيبويه (٣)؛ لأنّ الوصل يُبيِّنه. ومن ذلك قول الأعشى [من المتقارب]:

ومن شانىء كاسف ... إلخ

وقبله:

فَهَلْ يَمْنَعَنِّي ارْتِيادي البِلا ... دَ مِن حَذَرِ الموتِ أن يَأْتِيَنْ (٤)

أليس أخو الموت مُسْتَوْثِقًا ... عَلَيَّ وإن قُلْتُ قد أَنْسَأَنْ

والمراد: أَنْكَرَنِي، ويَأْتِيَنِي، وأَنْسَأَنِي، فحذف في الوقف كما قال تعالى: {أَكْرَمَنِ} (٥)، و {أَهَانَنِ} (٦). والشانىء: المُبْغِضُ، والكاسفُ: العابسُ. أي إذا حللتُ به وتَضَيَّفْتُه، عبس، وإن انتسبتُ له أنكرني، وإن كان عارفًا بي.

* * *

قال صاحب الكتاب: وضربكم وضربهم وعليهم وبهم ومنه وضربه بالإسكان فيمن ألحق وصلاً أو حرك، و"هذه" فيمن قال: "هذه هي أمه الله", و"حتَّام" و"فيم" و"حتامه" و"فيمه", بالإسكان والهاء، و"مجيء مه؟ ", و"مثل مه؟ " في "مجيء مَ جئت؟ " و"مثل مَ أنت؟ " بالهاء لا غير.

* * *

قال الشارح: أمّا "ضَرَبَكُمْ"، و"ضَرَبَهُمْ"، و"عَلَيْهِمْ"، و"بِهِمْ"، فإنّك تقف عليها بسكون الميم لا غير، وتحذف الياء والواو منها؛ لأنّهما زائدان. وقد يحذفان في الوصل كثيرًا، نحو: "ضَرَبَكُمْ قَبْلُ"، و"ضَرَبَهُمْ يا فتى"، و {عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ} (٧)، و"بِهِمْ يُستعان". والأصلُ أن يلحق الميمَ الواوُ، نحو: "ضَرَبَكُمُو"، و"ضَرَبَهُمُو"، و"بِهِمِي"، بدليل ثبوتها في التثنية، نحو: "ضَرَبَكُمَا"، و"ضَرَبَهُمَا"، و"بِهِمَا". وإنّما حذفوا الواو


(١) الفجر: ١٥.
(٢) الفجر: ١٦.
(٣) الكتاب ٤/ ١٨٦.
(٤) تقدم بالرقم ١٢٠٤.
(٥) الفجر: ١٥.
(٦) الفجر: ١٦.
(٧) التوبة: ٩٨؛ والفتح: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>