للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أصناف المشترك

[تخفيف الهمزة]

فصل

قال صاحب الكتاب: تشترك فيه الأضراب الثلاثة (١) , ولا تخفف الهمزة إلا إذا تقدمها شيءٌ، فإن لم يتقدمها, نحو قولك ابتداء: "أب" "أم", "إبل" فالتحقيق ليس إلا. وفي تخفيفها ثلاثة أوجه: الإبدال، والحذف، وأن تجعل بينَ بين، أي: بين مخرجها وبين مخرج الحرف الذي منه حركتها.

* * *

قال الشارح: اعلم أنّ الهمزة حرفٌ شديدٌ مستثقلٌ يخرج من أقصى الحلق، إذ كان أدخلَ الحروف في الحلق، فاستُثقل النطقُ به، إذ كان إخراجُه كالتهوع (٢)، فلذلك من الاستثقال ساغ فيها التخفيفُ، وهو لغةُ قريش، وأكثر أهل الحجاز. وهو نوعُ استحسان لثقل الهمزة. والتحقيقُ لغةُ تميم وقَيْس، قالوا: لأنّ الهمزة حرفٌ، فوجب الإتيانُ به كغيره من الحروف. وتخفيفُها كما ذُكر بالإبدال والحذفِ، وأن تجعل بين بين.

فالإبدالُ بأن تزيل نَبْرَتَها، فتلين، فحينئذ تصير إلى الألف والواو والياء على حسب حركتها وحركةِ ما قبلها على ما سيوضَح بعدُ. ولذلك كان أبو العبّاس يُسْقِطها من حروف المُعْجَم، ولا يعُدّها معها، ويجعل أوّلها الباء، ويقول: الهمزة لا تثبت على صورة واحدة، ولا أعدُّها مع الحروف التي أشكالُها معروفةٌ محفوظةٌ.

وأمّا الحذف، فأن تُسْقِطها من اللفظ ألبتّة.

وأمّا جعلُها بين بين، أي: بين الهمزة والحرف الذي منه حركتُها. فهذا كانت مفتوحة، تجعلها بين الهمزة والألف، وإذا كانت مضمومة بين الهمزة والواو، وإذا كانت مكسورة بين الياء والهمزة، وسيوضَح ذلك بعدُ بأَكْشَفَ من هذا القول.

وقوله: "ولا تخفّف الهمزة إلّا إذا تقدّمها شيء" يريد أنّها إذا وقعت أوّلاً، فإنّها لا


(١) أي: الاسم، والفعل، والحرف.
(٢) التهوّع: التَّقَيُّؤ.

<<  <  ج: ص:  >  >>