للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعرض ما يوجب زيادتها في نحو: "شمألٍ", و"نئدل" و"جُرائض" و"ضهيأة".

* * *

قال الشارح: قد أخذ في بيان مواضع زيادة هذه الحروف، والفصلِ بين الأصل والزائد منها، وبدأ بالهمزة، وذكر رابطًا أتى فيه على أمرها. فإذا وقعت أوّلاً، وبعدها ثلاثةُ أحرف أصول، فاقْض بزيادتها هناك، سواءٌ في ذلك الأسماء والأفعالُ، كـ"أَحْمَرَ"، و"أَصْفَرَ"، و"أَرْنَب"، و"أَفْكَل"، و"أَذْهَبُ"، و"أَجْلِسُ". الهمزةُ في ذلك كلّه زائدةٌ، وذلك لغَلَبَة زيادتها أوّلاً، وكثرتها فيما عُرف اشتقاقه، وذلك نحو: "أحْمَرَ"، و"أَصْفَرَ"، و"أَخضَرَ"، و"أَذهبُ"، و"أَجْلِسُ"، و "إِجفِيلٍ"، وهو الظَّليم يهرب من كلّ شيء، و"إِخريطٍ" وهو ضربٌ من الحَمْض. ألا ترى أنّ الاشتقاق يقضي بزيادتها في ذلك كلّه؛ لأنه من الحُمْرة، والصُّفْرة، والخُضْرة، والجَفْل، والخَرْط؟

فلمّا كثُرت زيادتها أوّلاً في بنات الثلاثة، وغلبتْ فيما ظهر بالاشتقاق، وعُلم أمرُه، قُضي بزيادتها فيما أبهمَ من ذلك القبيل، نحو: "أَرْنَبٍ"، و"أَفْكَلٍ" للرِّعْدة، و"أَيدَعٍ" (١)، و"إبلِمة" (٢)، و"إِصْبَعٍ" حملاً على الأكثر، وهو من حَمْل المجهول على المعلوم مع ما في الحكم بذلك من تحصيل البناء المعتدِل، وهو الثلاثيُّ، فكذلك حكم زيادة الهمزة في ذلك كلّه. فعلى هذا لو سمّيتَ بـ "أَفْكَلٍ" (٣) و"أرمَلٍ"، لم تصرفهما؛ لأنّه لمّا قُضي بزيادة الهمزة في المجهول، صار حكمه حكمَ المشتقّ، وحكمتَ أنّ له أصلاً في الثلاثيّ أُخذ منه، وإن لم يُنْطَق به.

فإن كان مع الهمزة ما يجوز أن يكون زائدًا، نحو: "أَيدَعٍ"، و"أَيْصَرٍ"، لم يُقْضَ بزيادة الهمزة فيه إلَّا بثَبَتٍ، وذلك أنّ الهمزة من حروف الزيادة، والياء كذلك، إلَّا أنّ الحكم بزيادة الهمزة هو الوجه لغلبة زيادة الهمزة أولاً على زيادة الياء ثانيًا، فكانت الهمزة في "أيدع" زائدةً لِما ذكرناه؛ ولأنّهم قالوا: "يَدَّعْتُهُ تَيدِيعًا". وهذا ثَبَتٌ في زيادة الهمزة. وأمّا "أَيصَرٌ"، فلو خُلِّينا والقياسَ، لكانت زائدة لغلبة الهمزة أوّلاً، لكنّهم قالوا في الجمع: " إصارٌ". قال الشاعر [من المتقارب]:

١٢٦١ - [فهذا يُعِدُّ لَهُنَّ الخَلى] ... وُيجْمَعُ ذا بينهنّ الإصارا


(١) الأيدع: صبغ أحمر، وقيل: هو خشب البقم، وقيل: هو دم الأخوين، وقيل: هو الزعفران. (لسان العرب ٨/ ٤١٢ (يدع)).
(٢) الإبْلِمة: الخوصة. (لسان العرب ١٢/ ٥٣ (بلم)).
(٣) الأفكل: رِعدة تعلو الإنسان. (لسان العرب ١١/ ٥٢٩ (فكل)).
١٢٦١ - التخريج: البيت للأعشى في ديوانه ص ١٠١؛ ولسان العرب ٤/ ٢٣ (أصر)؛ والمنصف ٢/ ١٨؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٥/ ١٦٥؛ والمنصف ١/ ١١٣. =

<<  <  ج: ص:  >  >>