للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لانحطاطه عن درجة الرباعيّ في التصرّف، وإنّما هو محمولٌ على الرباعيّ، نحو: "فَرازِدَ" (١)، و"سَفارجَ" (٢)، "كجَعافِرَ".

وممّا يدلّ على ما قلناه من كثرة تصرُّفهم في الثلاثيّ أنّهم قد بلغوا ببناتِ الثلاثة بالزيادة سبعةَ أحرف، نحو: "اشهِيبابٍ"، و"احْميرارٍ"، فزيد على الأصل أربعٌ زوائدُ، ولم يُزَد على الأربعة إلّا ثلاث زوائد، نحو: "احْرِنْجامٍ" (٣)، ولم يزد على الخماسيّ أكثرُ من زيادة واحدة، نحو: "عَضْرَفُوطٍ" (٤)، فعُرفت بذلك كثرةُ تصرُّفهم في الثلاثيّ، وقلّتُه في الرباعيّ والخماسيّ. فلذلك قلّت زيادةُ الهمزة في أوّل بنات الأربعة، وكثُرت في أوّل بنات الثلاثة, فلذلك قُضي بزيادة الياء في نحو "يَعْقُوبَ"؛ لأنّها في أوّل بنات الثلاثة؛ لأنّ الواو زائدة، وقُضي بأصالتها في نحو "يَسْتعُور"، وهو موضع، لكونها في أوّل بنات الأربعة.

فأمّا إذا وقعت الهمزة غيرَ أوّل، فإنّه لا يُقضَى عليها بالزيادة إلَّا بدليل. فإن لم تقم دلالةٌ على ذلك، كانت أصلاً، وذلك لقلّة زيادتها غير أوّل، والأصلُ عدمُ الزيادة، فلذلك لم يُحْكَم عليها إذا لم تكن أوّلاً بالزيادة إلَّا بثبتٍ، فعلى هذا الهمزةُ في قولهم: "شَأمَلٌ" و"شَمْأَلٌ" للريح زائدةٌ؛ لقولهم: "شَمَلَتِ الريحُ" من "الشَّمال". ولولا ما ورد من السَّماع، لكانت أصلاً. وكذلك الهمزة في "النِّئْدُلان" - وهو الكابوس - زائدةٌ؛ لقولهم فيه: "النيدُلَان" بالياء، وضمِّ الدال. فسقوطُ الهمزة في ذلك دليلٌ على زيادتها. وقالوا: "جُرائِضٌ" بالهمز، وهو البعير الضخم، الهمزةُ فيه زائدةٌ؛ لقولهم في معناه: "جملٌ جِرْواضٌ"، أي: شديد. فسقوطُ الهمزة من "جِرْواض"، وهو من معناه ولفظِه دليلٌ على زيادتها في "جُرائِض"، ووزنُه إذاً: "فُعائِلُ"، ويجوز أن يكون من الجَرَض، وهو الغَصص، كأنّه يُجرَض به كلُّ أحد لثقله. ومنه المثلُ، قيل: "حال الجريض دون القريض" (٥)، وقيل: الجرائضُ: المُشْفِقَةُ على ولدها، كأنّها تجرَض لفرط الإشفاق.


(١) جمع "فرزدق".
(٢) جمع "سفرجل".
(٣) الاحرنجام: الاجتماع. (لسان العرب ١٢/ ١٣٠ (حرجم)).
(٤) العضرفوط: دويبَّة بيضاء ناعمة. (لسان العرب ٧/ ٣٥١ (عضرفط)).
(٥) هذا مثل، وقد ورد في جمهرة الأمثال ١/ ٣٥٩؛ وجمهرة اللغة ص ٤٥٩، ٧٥٠؛ وزهر الأكم ٢/ ١٤٥؛ والعقد الفريد ٣/ ١٣٢؛ والفاخر ص ٢٥٠، ٢٥١؛ وفصل المقال ص ٤٤٤؛ ولسان العرب ٧/ ١٣٠ (جرض)، ٧/ ٢١٨ (قرض)؛ والمستقصى ٢/ ٥٥؛ ومجمع الأمثال ١/ ١٩١، ٢٠٤؛ والوسيط في الأمثال ص ٩٨.
حال: منع. الجريض: الغُصَّة. والقريض الشِّعر.
يضرب للمُعْضِلَة تَعْرض فتشغل عن غيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>