للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ربّما أوقع لبسًا وأحْدَثَ شكًّا في أنّ الهمزة أصلٌ أو منقلبةٌ مع أن زيادة الحرف إنّما المطلوب منه نفسُه، فإذا لم يسلم لفظُه لم يحصل الغرضُ.

فأمّا قولهم: "وَرَنْتَلٌ" بمعنى الشَّرّ، فإنّه يقال: "وقع القومُ في ورنتل"، أي: في شرّ، فالواوُ فيه من نفس الكلمة، والنونُ زائدةٌ ملحقةٌ بـ "سَفرْجَلٍ"، ووزنُه "فَعَنْلَلٌ"، والكلمةُ بها رباعيّةٌ. وإنّما قضينا على الواو أنها أصلٌ, لأنه لا يجوز أن تكون زائدة؛ لأنّ الواو لا تكون زائدة أوّلًا أبدًا.

فإن قيل فكما لا تكون زائدة أوّلًا، كذلك لا تكون أصلًا مع بنات الثلاثة فصاعدًا، فالجواب أنّ الأمر فيها دائرٌ بين أن تكون أصلًا أو زائدة، فكان حَمْلها على الأصل أَوْلى؛ لأنّها قد تكون أصلًا مع الثلاثة، وذلك إذا كان هناك تكريرٌ، ولا تكون زائدة أوّلًا ألبتّة، فكان حملها على الأصل هو الوجه؛ لأنّه أقلُّ مخالَفةً. فأمّا إذا وقعت حشوًا مع ثلاثة أحرف أصول فصاعدًا، فلا تكون إلا زائدة. وهي في ذلك تقع ثانيةً، نحو: "عَوْسَجٍ"، و"جَوْهَرٍ"، و"حَوْقَلَ"، و"صَوْمَعَ". وثالثةً في نحو: "جَدْوَل"، و"قَسورٍ"، و"رَهْوَكَ الرجلُ"، إذا تَبختر في مَشْيه، و"دَهْوَرَهُ" إذا ألقاه في مَهْواةٍ. ورابعةً، نحو: "تَرْقُوَةٍ"، و"عُنفُوانٍ"، و"اخرَوَّطَ"، و"اعْلَوَّطَ". وخامسةً في نحو: "عَضرَفُوطٍ"، و"مَنجَنُونٍ". فأمّا عِزْوِيتٌ - وهو بلدٌ - فالواو فيه أصلٌ، والتاء والياء زائدتان، ووزنُه "فِعْلِيتٌ" كـ"عِفْرِيتٍ"؛ لأنّه من "العِفْر". وإنّما قلنا ذلك؛ لأنّه لا يجوز أن تكون الواو أصلًا على أن تكون الياء من الأصل أيضًا؛ لأنّه يلزم منه أن تكون الواو أصلًا مع ذوات الأربعة، وهو غير جائز. ولا يجوز أن تكون الواو أصلاً، والياء زائدة، والتاء أصلاً، ويكون وزنه "فِعْلِيلًا"؛ لأنّه يلزم منه أن تكون الواو أصلًا مع ذوات الثلاثة، وذلك غيرُ جائز أيضًا. ولا تكون الواو والياء زائدتين معًا، والتاء أصلٌ, لأنّه يصير وزنه "فِعْوِيلًا"، وذلك بناءٌ غيرُ معروف، فلا يُحمل عليه. وإذا لم يجز أن يكون "فِعْللاًّ"، ولا "فِعْلِيلًا", ولا "فِعْوِيلًا"، حُمل على "فِعْلِيتٍ" كـ"عِفْرِيت"، وتكون الواو من الأصل.

[فصل [زيادة الميم]]

قال صاحب الكتاب: والميم إذا وقعت أولاً وبعدها ثلاثة أصول فهي زائدة نحو مقتل ومضرب ومكرم ومقياس، إلا إذا عرض ما في معد ومعدٍّ ومعزي ومأجج ومهدد ومنجنون ومنجنيق.

* * *

قال الشارح: أمرُ الميم في الزيادة كأمر الهمزة سواءٌ. موضعُ زيادتها أن تقع في أوّلِ بنات الثلاثة، والجامعُ بينهما أنّ الهمزة من أوّل مخارج الحلق ممّا يلي الصدرَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>