للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن العرب من أهل الحِجاز من يُجْرِي ذلك على الأصل من غير إبدال، ويحتمل من التغير ما يجتنبه الآخرون، في قوله: "ايتَعَدَ" و"ايِتَزَنَ"، فهو "مُوتَعِدٌ" و"مُوتَزِنٌ"، والأوّلُ أكثر، ولكثرته كان مَقيسًا. وقد قالوا: "أَتْلَجَهُ" في معنى "أَوْلَجَه"، و"ضرَبَهُ حتى أَتُكأهُ"، أي: أَوْكَأه. فأمّا قوله [من المديد]:

مُتْلِجٌ كَفَّيْهِ في قُتَرِهْ

فالبيت لامرىء القيس، وأوّلُه:

رُبَّ رامٍ من بَني ثُعَلٍ

والشاهد فيه إبدالُ التاء من الواو في "مُتْلِج"؛ لأنّه اسمُ فاعل من "أَتلَجَهُ"، و"مُتْلِجٌ": مُدْخِلٌ، ومعناه أنّه يُدْخِل يَدَيْه في القترة لئلاّ يهرب الوحشُ. والقترةُ ناموسُ الصَّيّاد، وهذا القلب غيرُ مطّرد، وقد جاء من ذلك ألفاظٌ متعدّدةٌ، قالوا: "تُجاهٌ"، وهو "فُعالٌ" من الوجه، وهو مستقبَلُ كلّ شيء يقال: "فلانٌ تُجاهَ زيد" أي: قُدّامَه. وقالوا: "تَيْقُورٌ"، وهو "فَيْعُولٌ" من "الوَقار"، فالتاء أصلُها الواو. قال الشاعر [من الرجز]:

١٣١٤ - فإن يكن أَمْسَى البِلى تَيْقُورِي


= وجملة: "إن تتعدني ... " الشرطية بحسب ما قبلها. وجملة "تتعدني": جملة الشرط غير الظرفي لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "أتْعدك" لا محلّ لها من الإعراب لأنّها جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء أو بـ "إذا". وجملة "سوف أزيد" معطوفهْ على الجملة السابقة فهي مثلها لا محلّ لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله: "تتعدنى أتّعدك" والأصل: "توتعدني أوتعدك"، فالواو فاء الكلمة والتاء التي بعدها في اللفظتين زائدة، وهي تاء الافتعال، فقلبت الواو تاء في اللفظتين، فتجاور في كلّ منهما تاءان فأدغمت التاء في التاء.
١٣١٤ - التخريج: الرجز للعجاج في ديوانه ١/ ٣٤٠؛ وشرح أبيات سيبويه ٢/ ٤٢٣؛ ولسان العرب ٥/ ٢٩٠ (وقر)؛ وبلا نسبة في سرّ صناعة الإعراب ١/ ١٤٦؛ الممتع في التصريف ١/ ٣٨٤؛ والمنصف ١/ ٢٢٧، ٣/ ٢١.
اللغة: البِلَى: تقادم العهد. التَيْقُور: الوقارُ.
المعنى: وصف كِبَرَه وضعفه عن التصرُّف، فجعل ذلك كالوقار وإن لم يقصده.
الإعراب: "فإن": الفاء: بحسب ما قبلها، "إن": حرف شرط جازم. "يكن": فعل مضارع ناقص مجزوم، وعلامة جزمه السكون. "أمسى": فعل ماضٍ ناقص مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر. "البِلَى": اسم "كان"، واسم "أمسى" محذوف دَلَّ عليه اسم "كان"، ويمكن أن يكون اسم "أمسى" أما اسم "كان" فضمير الشأن المحذوف، أو محذوف لدلالة اسم "أمسى" عليه، وهذا ما يُعرَف بالتنازع. "تَيْقوري": خبر "أمسى" منصوب، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم، والياء: ضمير متصل مبنى على السكون في محلّ جر بالإضافة.
وجملة "إن يكن أمسى البلى تيقوري": مع الجواب المحذوف بحسب الفاء. وجملة "يكن =

<<  <  ج: ص:  >  >>