للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفعلُ، لم يجب القلبُ، نحو: "قاوَمَ قِوامًا"، و"حاوَرَ حِوارًا"؟ وكذلك لو كان في الواحد، ولم يكن مصدرًا، نحو: "حِوالٍ"، و"سِواكٍ"، لم يجز الإعلالُ. وقيل: إنّما وجب الإعلالُ هنا لأنّ الفتحة في الواو عارضةٌ لأجل الألف، إذ الألفُ لا يكون ما قبلها إلّا مفتوحًا، فكانت الواوُ في حكم الساكنة، فقُلبت ياءً على حدّ قلبها في "مِيزانٍ"، و"مِيعادٍ"، لأنّها في الحكم مثلُها.

وأمّا "حَوْضٌ", و"حِياضٌ"، و"سَوْطٌ"، و"سِياطٌ", فإنّما قُلبت واوه ياءً حملًا له على "دارٍ"، و"دِيارٍ"، و"رِيحٍ"، و"رِياحٍ". وذلك لأنه جمعٌ، والجمع أثقلُ من الواحد، وأنّ واوَ واحدة ضعيفةٌ ميّتةٌ لسكونها، فَكانت كالمعتلّة في "دار" و"ريح"، وأنّ قبل الواو كسرةً كالكسرة في "رِياحٍ"، و"دِيارٍ"، وأنّ بعد الواو ألفًا، والألفُ تُشْبِه الياء، وأنّ اللام منه صحيحة كصحّة لام "دار" و"ريح"، إذ لو كانت اللام معتلّة، لم تعتلّ العينُ, لأنّه لا يَتوالى عندهم إعلالان في كلمة واحدة، فلا بدّ من اجتماع هذه الأسباب حتى يصحّ الإلحاقُ والحملُ، ألا ترى أنّه لمّا تحرّكت الواوُ في "طَويل" لم تُقلب الواو في جمعه بل صحّت، نحو: "طِوال"؟

وقد قالوا: "عَوْدٌ عِوَدَةٌ"، و"زَوْجٌ زِوَجَةٌ"، فهذا قد اجتمع فيه سكونٌ في الواحد والكسرةُ التي قبل الواو، وأنّه جمعٌ، وصحّةُ اللام، إلّا أنّه لم يقع بعدها ألفٌ، ومع ذلك قد صحّت، ولم تعتلّ.

وقالوا: "تِيَرٌ"، و"دِيَمٌ" فأعلوهما لاعتلال الواحد منهما، فـ "تِيَرٌ" جمعُ "تارَةٍ"، و"دِيَمٌ" جمعُ "دِيمَةٍ"، فلمّا اعتلّ الواحدُ، أعلّوا الجمعَ. فأمّا قولهم: "ثِيَرَةٌ" في جمع "ثَوْرٍ" لهذا الحيوان، فهو شاذّ. قال أبو العبّاس، المبرّد: أرادوا الفرق بين الثور من الحيوان، والثور الذي هو الأَقِطُ. وقد تقدّم ذكرُ ذلك في مواضعَ، وقيل: إنّهم شبّهوا واوَ "حَوْضٍ", و"ثَوْبٍ" لسكونها بالواو في "يَقُومُ" لسكونها، فكما أعلّوا مصدرَ هذا الفعل لاعتلال فعله، أعلّوا جمعَ هذا. وقالوا: "طوالٌ"، فصحّحوا العين حين كانت متحرّكة في "طَوِيل", وربما قلبوها ياءً، قال الشاعر [من الطويل]:

تَبيَّنَ لِي أنّ القَماءةَ ذِلَّةٌ ... وأنَّ أعِزَّاءَ الرِّجالِ طِيالُها (١)

وهو قليل.

وأمّا قولهم: "روآء" في جمع "رَيّانَ"، و"طوآءٌ" في جمع "طَيّانَ"، فإنّما صحّت الواو فيهما مع سكونها في الواحد، لئلاّ يجمعوا بين إعلال اللام والعين، إذ كانت اللام معتلّة بقَلْبها همزةً. وأمّا "نِوآءٌ" في جمع "ناوٍ"، فليس من قبيل "طِوآءٍ", لأنّ الواو لم تكن ساكنةً في الواحد، ولا معتلّة، فصحّت في الجمع، فاعرفه.


(١) تقدم بالرقم ٧٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>