للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"فَعاوِلُ" على منهاجِ "فَعالِل"، وإنّما يفعلون ذلك إذا كانت الواو لامًا لا عينًا، وذلك لأنّ اللام إذا كانت واوًا رابعةً فصاعدًا كثُر قلبُهم إيّاها إلى الياء، نحو: "أغْزَيْت"، و"استدعَيْت"، و"مَغزَيانِ"، و"غَازِيَة"، و"مَحْنِيَة"، فأظهروا الواو في "إداوة" ونحوها، ليُعلِموا أنّ الواو في "إداوة"، وإن كانت رابعةً، صحيحةٌ غيرُ منقلبة، وإذا كانوا قد راعوا الزائد في الجمع، نحو ياء "خطيئة"، فقالوا: "خَطايَا"، فهم بمراعاة الأصليّ أجدرُ.

فصل [قلب الواو رابعة فصاعدًا]

قال صاحب الكتاب: وكل واو وقعت رابعة فصاعداً ولم ينضم ما قبلها قلبت ياء نحو أغزيت وغازيت ورجيت وترجيت واسترشيت, ومضارعتها ومضارعة غزي ورضي وشأي في قولك يغزيان ويرضيان ويشأيان, وكذلك ملهيان ومصطفيان ومعليان ومستدعيان.

* * *

قال الشارح: الواو إذا وقعت رابعة فصاعدًا، قُلبت ياءً، وإنّما قلبوها ياءً حملًا على المضارع، وإنّما قُلبت في المضارع للكسرة قبلها على حدّ قلبها في "مِيزان" و"مِيعاد"، فلمّا قالوا: "يُغْزِي"، فقلبوا، كرهوا أن يقولوا: "أَغْزَوْتُ", لأنّ الأفعال جنسٌ واحدٌ، فأرادوا المُماثَلة، وأن يكون لفظُ الماضي والمضارع واحدًا، فأعلّوا الماضي لإعلال المضارع، كما أعلّوا المضارع، نحو: "يَقُول"، و"يَبِيع" لإعلالِ "قالَ"، و"باعَ". ألا ترى أنه لولا إعلالُ الماضي، لم يلزم إعلال المضارع؟

وقوله: "ولم ينضم ما قبلها" احترز به من "يَغْزُو" و"يَدْعُو" من الأفعال، ومن نحو: "تَرْقُوَةٍ"، و"عَرْقُوَةٍ" من الأسماء. فإن قيل: فأنت تقول: "تَرَجَّيْت"، و"تَغازَيْت" بقلبها ياءً مع أنّك لا تكسر ما قبل اللام في المضارع لأنّك تقول: "يَترجَّى"، و"يَتفازَى"، فهلّا قلت: "ترجَّوْت"، و"تغازَوْت"، فتُصحِّح الواو تصحيحَها في "غَزَوْت" لصحّتها في "يَغْزُو"، قيل: "ترجَّيْت" مُطاوعُ "رَجَّيْت"، و"تغازَيْت" مطاوعُ "غازَيْت"، فلمّا كانت الواو تقلب في الأصل لانكسار ما قبل لامه في المضارع نحو: "يُرَجِّي"، و"يغازِي"، بقيت على حالها بعد دخول تاء المطاوعة، فالألفُ في "تَرجَّى"، و"تَغازَى" بدلٌ من ياء هي بدلٌ من الواو التي هي لام في الأصل.

وقالوا في مضارع "غُزِيَ"، و"رَضِيَ": "يُغْزَيانِ"، و"يَرْضَيانِ"، فقلبوا الواو ياءً، وإن لم ينكسر ما قبل اللام، حملًا للمضارع على الماضي؛ لأنّ الماضي قد وُجدت فيه علّةٌ تقتضي القلبَ، وهو انكسارُ ما قبل الواو، نحو: "غُزِيَ"، و"رَضِيَ"، ولم يُوجَد في المضارع علّةٌ تقتضي القلب، فكرهوا أن يختلف البابُ. فهذا نظيرُ "أَغْزَيْت يُغْرِي"، إلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>