للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشارح: إذا اجتمع في آخِر الفعل حرفا علّةٍ، لم يمكن إعلالُهما معًا, لأنّه إجحاف، وربّما أدّى إلى حذف أو تغيير، وإنّما يُعَلّ أحدهما، والأوْلى بالإعلال الأخيرُ الذي هو اللام على نحو: "شَوَى"، و"ذَوَى"، فأمّا "حَيِيَ"، و"عَيِيَ" ونحوهُما من مضاعَف الياء، فالقياسُ هنا أن تقلب الياء الأولى ألفًا؛ لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، وأن يصير اللفظ إلى "حَايَ"، و"عَايَ"، فيعتلّ العين. وقد اعتلّت هذه اللام في المضارع بقلبها ألفًا وسكونِها في حال الرفع، وحذفِها في حال الجزم، والأفعالُ كلّها جنس واحد، فكرهوا أن يجمعوا عليه اعتلالَ عينه ولامِه، فنزّلوا الأوّل منزلةَ الصحيح، وأقرّوه على لفظه في الماضي، ووفّوه ما يستحقّه من الحركات. ولحق الثاني القلبُ والتغييرُ والسكونُ، وذلك: نحو: "حَىَّ"، "يَحْيَى"، و"عَيَّ"، "يَعْيَى"، فهذا معنى قوله أجروا "حَيِيَ" و"عَيِيَ" مجرى "بَقِيَ" و"فَنِيَ"، يعني أجروا الياء الأولى مجرى النون في "فني" والقاف في "بقي"، ولم يغيرّوها مع وجود مقتضِي التغيير، كما لم يغيّروا الصحيح فيما ذكرناه.

وأكثرُ العرب يدّغم العين في اللام إذا تَحرّكت اللام، نحو: "حَيَّ"، و"عَيَّ"، أجروه في ذلك مجرَى نحو: "شَدَّ"، والإظهارُ جائز. وإنّما جاز الإظهار؛ لأنّ هذه اللام قد تعتلّ، وتسكن في الرفع، وتحذف في الجزم، نحو: "هو يَحْيَى" و"لم يَحْيَى"، فلمّا لم تلزمها الحركةُ، انفصلت من دال "شَدَّ"؛ لأنّها متحرّكة في الرفع، ولا تحذف على وجه. فإذا أظهرتَ، فقلتَ: "قد حَيِيَ زيدٌ"، قلت في الجمع: "قد حَيُوا"، كما تقول: "قد عَمُوا". قال الشاعر [من الطويل]:

١٣٦٢ - وكُنَّا حَسِبْناهم فَوارِسَ كَهْمسٍ ... حَيُوا بعد ما ماتُوا من الدَّهْر أَعْصُرا


= اللغة: عيّوا بأمرهم: عجزوا عنه فلم يستطيعوا بيان مرادهم له.
الإعراب: "عيّوا": فعل ماض مبني على الضم، والواو: ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل. "بأمرهم":جارّ ومجرور متعلقان بالفعل "عيّ"، وهو مضاف. و"هم": ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. "كما": الكاف حرف جرّ، و"ما": مصدرية. "عيّت": فعل ماض مبني على الفتح، والتاء للتأنيث. والمصدر المؤول من "ما" والفعل بعدها في محل جرّ بحرف الجرّ، والجارّ والمجرور متعلقان بمفعول مطلق محذوف، تقديره: "عيًّا". "ببيضتها": جارّ ومجرور متعلقان بالفعل "عيَّ"، و"ها": ضمير متصل مبنى في محل جرّ بالإضافة. "الحمامة": فاعل مرفوع بالضمة، وسكّن للقافية.
وجملة "عيّوا": ابتدائية لا محل لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله: "عيّوا ... عيّت"، حيث أجراهما مجرى "ظنّوا وظنّت" ونحوهما من الصحيح، فسلما من الإعلال والحذف.
١٣٦٢ - التخريج: البيت لمودود العنبري في شرح أبيات سيبويه ٢/ ٤٣٤؛ ولأبي حُزابة الوليد بن حنيفة في شرح شواهد الإيضاح ص ٦٣٤؛ وشرح شواهد الشافية ص ٣٦٣؛ ولسان العرب ١٤/ ٢١٨ =

<<  <  ج: ص:  >  >>