للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وللعين والحاء أوسطُه، وللغين والخاء أدناه، وللقاف أقصى اللسان وما فوقه من الحَنَك، وللكاف من اللسان والحنك ما يلي مَخْرَجَ القاف، وللجيم والشين والياء وَسَطُ اللسان، وما يُحاذيه من وسط الحنك، وللضاد أوّل حافة اللسان وما يليها من الأضراس، وللام ما دون أوّلِ حافةِ اللسان إلى منتهَى طَرَفه وما يُحاذي ذلك من الحنك الأعْلى فُوَيْقَ الضاحِكَ والناب والرَّباعِيَةِ والثَّنِيّةِ، وللنون ما بين طرف اللسان وفُوَيْقِ الثَّنايَا, وللراء ما هو أَدْخَلُ في ظَهْرِ اللسان قليلًا من مخرجِ النون، وللطاء والدال والتاء ما بين طرف اللسان وأصولِ الثَّنايَا, وللصاد والزاى والسين ما بين الثنايا وطرف اللسان، وللظاء والذال والثاء ما بين طوف اللسان وأطراف الثنايا, وللفاء باطنُ الشَّفَة السُّفْلَى وأطرافُ الثنايا العُلَى، وللباء والميم والواو ما بين الشفتَيْن.

* * *

قال الشارح: لمّا كان الغرض من الادغام تقريب الأصوات بعضها من بعض وتداخُلَها، والحرفُ إنّما هو صوتٌ مقروعٌ في مخرج معلوم، وجب معرفةُ مخارج الحروف ليُعْلَم المتقارب من المتباعد.

وجملة مخارج الحروف ستّة عشر مخرجًا، والمخرجُ هو المَقْطَع الذي ينتهي الصوتُ عنده. فمن ذلك الحلق، وفيه ثلاثةُ مخارجَ، فأقصاها من أسفله إلى ما يلي الصدرَ مخرجُ الهمزة، ولذلك ثقُل إخراجُها لتباعُدها، ثمّ الهاء، وبعدها الألفُ، هكذا يقول سيبويه (١). وزعم أبو الحسن أنّ ترتيبها: الهمزةُ، ثمّ الهاء. ومخرجُ الهاء هو مخرجُ الألف، لا قبله، ولا بعده، والذي يدلّ على فساده أنّنا متى حرّكنا الألف، انقلبت إلى أقرب الحروف إليها، وهي الهمزة، ولو كانت الهاء من مخرجه, لكانت أقربَ إليها من الهمزة، فكان ينبغي إذا حرّكتَها أن تصير هاءً. ثمّ العين والحاء من وَسَط الحلق.

وروى اللَّيْثُ عن الخليل أنّ الألف والواو والياء والهمزة جُوفٌ, لأنّها تخرج من الجَوْف، ولا تقع في مَدْرَجه من مدارج الحلق، ولا اللَّهاةِ، ولا اللسانِ، إنّما هي هَواء، وكان الخليل يقول: الألف والواو والياء هَوائيّةٌ، أي: أنّها في الهواء.

وأقصى الحروف العينُ، ثمّ الحاء، ثمّ الهاء. فلولا بُحّةٌ في الحاء، لكانت كالعين. ولولا هَهَّةٌ في الهاء، لكانت كالحاء لقربها منها. فهذه الثلاثةُ في حيّز واحد، بعضُها أرفعُ من بعض. وللغين والخاء أدنى الحلق، فالخاء أقربُ إلى الفم من الغين.

والقاف والكاف في حيّز واحد، فالكاف أرفعُ من القاف، وأدنى إلى مُقدَّم الفم، وهما لَهَويّتان, لأنّ مبدأهما من اللهاة، ثمّ الجيم والشين والياء، ولها حيّز واحد، وهو


(١) الكتاب ٤/ ٤٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>