للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشارح: وأمّا الجيم، فإنّها تدغم في مثلها, نحو: "أَخْرِج جَّمَلَك"، ولا إشكالَ في ذلك لاتّحاد المخرج , وعدمِ ما يمنع من ذلك , ولم يلتق في القرآن جيمان.

وتدغم في الشين، نحو: "أخرج شّبثًا". قال الله تعالى: {كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ} (١)، وذلك لقرب مخرجيهما, ولم يذكر سيبويه (٢) ادغامَها في غير هذين الحرفين. وروى اليزيديّ عن أبي عمرو ادغامها في التاء في قوله تعالى: {ذِي الْمَعَارِجِ تعرج} (٣)؛ لأنّها وإن لم تُقارِب الجيمُ التاء، فإنّ الجيم أختُ الشين في المخرج. والشينُ فيها تَفَشٍّ يصل إلى مخرج التاء؛ فلذلك ساغ ادغامُها فيها. ولا يجوز ادغامُ الشين في الجيم، لأنّها أفضلُ منها بالتفشّي.

وتدغم فيها ستّة أحرف من غير مخرجها، وهي: الطاء، والدال، والتاء، والظاء، والذال، والثاء، وإنّما جاز ادغامُ هذه الحروف في الجيم وإن لم تُقاربِها, لأنّ هذه الحروف من طرف اللسان والثنايا، ومخرج الجيم من وسط اللسان، فكان بينهما تباعدٌ، وأُجريت في ذلك مجرى أختها، وهي الشين، وذلك أنّ الشين وإن كانت من مخرج الجيم، فإنّ فيها تفشّيًا يتّصل بهذه الحروف، فلذلك من الاتّصال جاز أن يدغمن في الجيم، ولا يدغم الجيمُ فيها كما لا تدغم الشينُ، لأنّها أُجريت مجراها، فاعرفه.

فصل [ادِّغام الشين]

قال صاحب الكتاب: والشين لا تدغم إلا في مثلها, كقولك: "اقمش شيحًا". ويدغم فيها ما يدغم في الجيم، والجيم، واللام، كقولك: "لا تخالط شراً"، و"لم يرد شيئاً"، و"أصابت شرباً"، و"لم يحفظ شعراً"، و"لم يتخذ شريكاً"، و"لم ترث شسعاً"، و"دنا الشاسع".

* * *

قال الشارح: الشين تدغم في مثلها، وذلك نحو: "اقمش شّيحًا"، و"اخْمُش شَّيْبَةَ". ولم يلتق في القرآن شينان، ولا تدغم في شىء ممّا يقاربها لما فيها من زيادة التفشّي، وقد رُوي عن أبي عمرو ادغامُها في السين مْن قوله تعالى: {إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا} (٤)، كما رُوي عنه ادغامُ السين فيها من نحو: {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} (٥)؛ لأنّهما


(١) الفتح: ٢٩.
(٢) انظر: الكتاب ٤/ ٤٥٢.
(٣) المعارج: ٣، ٤.
(٤) الإسراء: ٤٢. وانظر: معجم القراءات القرآنية ٣/ ٣٢٤.
(٥) مريم: ٤. وهي قراءة أبى عمرو.
انظر: الكشاف ٢/ ٥٠٢؛ وتفسير الرازي ٢١/ ١٨٠؛ ومعجم القراءات القرآنية ٤/ ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>