للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدغمهما اتّباعًا للرواية" وهما: {رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا} (١)، والآخر: {شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا} (٢). والذي أراه أنّه ضعيفٌ على ما قاله سيبويه، لأمرين: أحدهما ذهابُ ما في الضاد من الاستطالة، والآخرُ سكونُ ما قبل الضاد، فيؤدّي الادغامُ إلى اجتماع ساكنين على غير شرطه. وإلى ذلك أشار صاحب الكتاب بقوله: "ما برئت من عيب". والحقُّ أنّ ذلك إخفاءٌ واختلاسٌ للحركة، فظنّها الراوي ادغامًا. ونحوٌ من ذلك ما رواه ابن صَقْر عن اليزيديّ من ادغامها في الذال من قوله عَزَّ وَجَلَّ: {لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا} (٣)، فحمل ذلك على الإخفاء واختلاس الحركة لا على الادغام.

قال: ويدغم فيها ما يدغم في الشين إلّا الجيم. والذي يدغم في الشين ثمانيةُ أحرف، وهي: الطاء، والدال، والتاء، والظاء، والذال، والثاء، واللام، والجيم. وقد استثنى ههنا الجيمَ؛ لأنّ هذه الحروف من طرف اللسان والثنايا، والضاد من حافة اللسان وجانب الأضراس. وفيها إطباقٌ واستطالةٌ تمتدّ حتى تتّصل بهذه الحروف، فصارت مُجاوِرةً لها، فجاز ادغامُهن فيها، وهي أقوى منهنّ، وأوفرُ صوتًا. والادغامُ إنّما هو في الأقوى. وأمّا الجيم فإنّها لا تدغم؛ لأنّها أخت الشين، وحكمُها حكمُ الشين، فكما لا تدغم فيها الشينُ كذلك الجيم، فعلى هذا تقول "حط ضّمانك"، و"زد ضّحكًا"، و"شدّت ضّفائرها"، فهذه الثلاثةُ من جنس واحد، أعني الطاء والدال والتاء، وتقول: "احفظ ضأنك"، و"انْبِذ ضّاربَك"، ولم يذكر الشيخ هذا المثال، وتقول: "لم يلبث ضاربًا"، و"الضَّاربُ"، فتدغم اللامَ في الضاد، فاعرفه.

فصل [ادّغام اللام]

قال صاحب الكتاب: واللام إن كانت المعرفة فهي لازم ادّغامها في مثلها, وفي الطاء والدال والتاء والظاء والذال والثاء والصاد والسين والزاي والشين والضاد والنون والراء, وإن كانت غيرها نحو لام "هل" و"بل" فادّغامها فيها جائزٌ. ويتفاوت جوازه إلى حسن, وهو ادّغامها في الراء, كقولك: "هل رأيت"، وإلى قبيح وهو ادّغامها في النون, كقولك: هل نخرج، وإلى وسط وهو ادّغامها في البواقي, وقرئ: {هثوب الكفار} (٤). وأنشد سيبويه [من الطويل]:

١٣٦٦ - فذر ذا ولكن هتعين متيماً ... على ضوء برق آخر الليل ناضب


(١) النحل: ٧٣.
(٢) عبس: ٢٦.
(٣) الملك: ١٥.
(٤) المطففين: ٣٦. وهذه قراءة حمزة، وأبي عمرو، وابن محيصن، وغيرهم.
انظر: البحر المحيط ٨/ ٤٤٣؛ والكشاف ٤/ ٢٣٣؛ ومعجم القراءات القرآنية ٨/ ٩٨.
١٣٦٦ - التخريج: البيت لمزاحم العقيلي في سرّ صناعة الإعراب ص ٣٤٨؛ والكتاب ٤/ ٤٥٩؛ وكتاب =

<<  <  ج: ص:  >  >>