للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التاء حُذفت تخفيفًا، وفُتحت همزة الوصل، وقُطعت، وهو قول الفرّاء.

وفي "استطاع" أربعُ لغات: "أسطاعَ يُسْطِيع"، بفتح الهمزة في الماضي، وضمّ حرف المضارعة، فهو من "أَطاعَ، يُطِيع"، وأصله: "أَطْوَعَ، يُطْوع" بقلب الفتحة من الواو إلى الطاء في "أَطْوَعَ" إعلالًا له حملًا على الماضي، فصار "أطاعَ"، ثمّ دخلت السين كالعوض من عين الفعل. هذا مذهب سيبويه (١).

واللغة الثانية: "اسْتَطاعَ، يَسْتَطِيع" بكسر الهمزة في الماضي، وفتح حرف المضارعة، وهو "استفعل"، نحو: "استقام"، و"استعان".

واللغة الثالثة: "اسْطاعَ يَسْطِيع" بكسر الهمزة في الماضي ووصلِها وفتح حرف المضارعة، والمراد: "استطاع"، فحذفت التاء تخفيفًا لاجتماعها مع الطاء، وهما من معدن واحد.

واللغة الرابعة: "اسْتاعَ"، بحذف الطاء؛ لأنّها كالتاء في الشدّة، وتَفْضُلها بالإطباق، وقيل المحذوف التاء؛ لأنّها زائدة. وإنّما أبدلوا من الطاء بعدُ تاء لأنَّها من مخرجها، وهي أخفٌّ، وهو حذفٌ على غير قياس، فلذلك ذكره هنا.

وممّا حُذف استخفافًا على غير قياس؛ لأنّ ما ظهر دليلٌ عليه قولُهم في قبيلةٍ تظهر فيها لامُ المعرفة، ولا تدّغم، نحو: "بني العَنْبَر"، و"بني العَجْلان"، و"بني الحارث"، و"بني الهُجَيْم": "هؤلاء بَلعَنْبَرِ، وبَلْعَجْلانِ، وبَلْحْارثِ، وبَلهُجَيْمِ"، فحذفوا النون لقربها من اللام. وهم يكرهون التضعيف، إذ الياء الفاصلة تسقط لالتقاء الساكنين. ولا يفعلون ذلك في بني النَّجّار، وبني النَّمِر، وبني التَّيْم؛ لئلّا يجمعوا عليه إعلالين: الادغامَ والحذفَ.

وقالوا: "عَلْماء بنو فلان"، يريدون: "على الماء"، فهمزة الوصل تسقط للدرج، وألفُ "عَلَى" تُحذف لالتقائها مع لام المعرفة، فصار اللفظ "عللماء". فكرهوا اجتماع المثلين، فحذفوا لامَ "عَلَى" كما حذفوا اللام في "ظلت"؛ لاجتماع المثلين. وإذا كانوا قد حذفوا النون في "بلحارث"، و"بلعجلان"؛ لاجتماعها مع اللام إذ كانت مُقارِبةً، فلأن يحذفوا اللام مع أختها بطريق الأَوْلى. وأنشدوا [من الطويل]:

١٣٧٠ - فما سبق القَيْسِيُّ من سُوءِ سِيرَةٍ ... ولكن طَفَتْ عَلْماء غُزْلَةُ خالِدِ


(١) الكتاب ٤/ ٢٨٥.
١٣٧٠ - التخريج: البيت للفرزدق في ديوانه ص ٢١٦ (طبعة الصاوي)؛ وشرح أبيات سيبويه ٢/ ٤٣٥ (وفيه "قنبر" مكان "خالد")؛ والكامل ص ١٢٢٨.
اللغة: القلفة: الجلدة التي يقطعها الخاتن من ذكر الصبيِّ. =

<<  <  ج: ص:  >  >>