للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لمّا كثُر استعمالُ الباء في خبرِ "ليس"، تُوُهّم وجودُها فخفض بالعطف على تقديرِ وجودها، وإن لم تكن موجودة. وإذا جاز إضمارُ حرف الجرّ مع ضُعْفه، فإضمارُ الفعل أوْلى لقُوّته، وكثرةِ استعماله فيه. والرفعُ أجودُ، لأنّه لا إضمارَ فيه.

قال: وهو قليلٌ، يعني أنّ النصب قليلٌ لتقديرك وجودَ ما ليس في اللفظ. ومنه قولُ الهُذَليّ [من المتقارب]:

فما أنا والسَّيْرَ في مَتْلَفٍ ... يُبَرِّحُ بالذَّكَرِالضابِطِ (١)

الشاهد فيه نصبُ "السير" بإضمار فعل، كأنّه قال: "فما كنتُ أنا والسيرَ"، أو "فما أكونُ أنا والسيرَ". ولو رفع لكان أجودَ، يقول: ما لي أتجشّمُ المَشاقَّ بالسير في الفَلَوات المُتْلِفة. وأراد بالذكر جَمَلًا، لأنّ الذكر أقوى من الناقة. والضابطُ: القويُّ. والتبريحُ: المَشَقَّةُ. قال أبو الحسن الأخفشُ: قومٌ من النحويين يَقِيسون هذا في كلّ شيء لكثرةِ ما جاء منه، وهو مذهبُ أبي الحسن، ورأيُ أبي عليّ، وقومٌ يقصرونه على السَّماع، لأنّه شيءٌ وقع موقعَ غيره، فلا يُصار إليه إلَّا بسماعٍ من العرب، ويُوقَف عنده.


= بالضمّة، و"ها": ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة.
وجملة "هم مشائيم": ابتدائية لا محلّ لها. وجملة "ليسوا ... ": في محلّ رفع صفة لـ "مشائيم".
والشاهد فيه قوله: "ليسوا مصلحين ولا ناعب" حيث جرّ (ناعب) على توهّم جرّ خبر "ليس" (مصلحين). انظر: ما قبله.
(١) تقدم بالرقم ٢٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>