للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُحالًا، نحوَ قولك: "تكلّم الحجر"، و"طار الفرسُ"، فالحجرُ لا يوصَف بالكلام، ولا الفرسُ بالطيَران إلَّا أن تريد المَجَاز. كذلك قولُك: "طاب زيدٌ، وتصبّب، وتفقّأ"، لا يوصَف زيدٌ بالطّيب، والتصبّبِ، والتفقّؤ، فعُلم بذلك أنّ المراد المجازُ، وذلك أنّه في الحقيقة لشيء من سَبَبه، وإنّما أُسند إليه مبالغةً وتأكيدًا، ومعنى المبالغة أنّ الفعل كان مسندًا إلى جُزْءٍ منه، فصار مسندًا إلى الجميع، وهو أبلغُ في المعنى.

والتأكيد أنّه لمّا كان يُفهَم منه الإسناد إلى ما هو منتصِبٌ به، ثمّ أُسند في اللفظ إلى زيد، تمكَّن المعنى، ثمّ لمّا احتمل أشياء كثيرةً، وهو أنّ تَطِيب نفسُه بأن تنبسِط، ولا تنقبِضَ، وأن يطيب لسانُه بأن يَعْذُب كلامُه، وأن يطيب قَلْبُه بأن يَصْفُوَ انجلاؤُه، تَبيّنَ المرادُ من ذلك بالنكرة التي هي فاعلٌ في المعنى، فقيل: "طاب زيدٌ نفسًا"، وكذلك الباقي، فهذا معنى قوله: "والسببُ في هذه الإزالة قَصْدُهم إلى ضربٍ من المبالغة والتأكيد"، فاعرفه.

<<  <  ج: ص:  >  >>