للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و"ليس زيداً", و"لا يكون زيداً" وهذه أفعالٌ مضمر فاعلوها".

* * *

قال الشارح: أمّا "مَا خَلاَ" و"مَا عَدَا"، فلا يقع بعدهما إلّا منصوبٌ, لأنّ "مَا" فيهما مصدريّةٌ، فلا تكون صلتُها إلّا فعلاً، وفاعلُها مضمرٌ مقدَّرٌ بالبَعْض على ما تقدّم، ومَا بعدهما في موضع مصدرٍ منصوبٍ، فإذا قلت: "قام القومُ ما خلا زيدًا"، "ما عدا بكرًا كأنّك قلت: "خُلُوَّ زيدٍ"، و"عَدْوَ بكرٍ كأنّك قلت: "قام القوم مجاوَزتَهم زيدًا وذلك المصدرُ في موضع الحال كما قالوا: "رَجَعَ عَوْدَهُ على بَدْئِهِ"، ونظائرُه كثيرةٌ، فأمّا قولُ لَبِيد [من الطويل]:

ألا كلُّ شيءٍ ما خلا الله باطِلُ ... وكلٌّ نَعِيمٍ لا مَحَالَةَ زائلُ

الشاهد فيه نصبُ اسم الله تعالى بقوله: "ما خلا" علَى ما قدّمناه. ومعنى البيتِ ظاهرٌ.

وكذلك الاستثناءُ بـ "لَيْسَ"، و"لَا يَكُونُ"، لا يكون المستثنى بهما إلَّا منصوبًا، مَنْفيًّا كان المستثنى منه أو موجبًا، وذلك قولُك في الموجب: "قام القوم ليس زيدًا"، و"لا يكون زيدًا". وتقول في المنفيّ: "ما قام القوم ليس زيدًا, ولا يكون زيداً"، وانتصابُ المستثنى هنا بأنّه خبرُ "لَيْسَ" و"لا يَكُونُ"، واسمُهما مضمَرٌ، والتقديرُ: ليس بعضُهم زيدًا, ولا يكون بعضُهم زيدًا.


= المعنى: كل شيء في هذا الوجود ماضٍ إلى زوال إلّا وجه ربّك ذي الجلال والإكرام.
الإعراب: "ألا": حرف استفتاح وتنبيه "كلّ": مبتدأ مرفوع، وهو مضاف. "شيء": مضاف إليه مجرور. "ما": حرف مصدري. "خلا": فعل ماضٍ مبني على الفتح المقدّر على الألف للتعذّر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: هو على خلاف الأصل. "الله": لفظ الجلالة، مفعول به منصوب. "باطل": خبر المبتدأ مرفوع. "وكلّ": الواو: حرف عطف، "كلّ": مبتدأ مرفوع، وهو مضاف. "نعيم": مضاف إليه مجرور. "لا": نافية للجنس. "محالة": اسم "لا" مبني على الفتح في محلّ نصب، وخبرها محذوف. "زائل": خبر المبتدأ مرفوع.
وجملة "كل شيء باطل": لا محل لها من الإعراب لأنّها ابتدائية. وجملة "ما خلا الله": لا محلّ لها من الإعراب لأنّها اعتراضية، أو في محل نصب حال، والتقدير: "خاليًا". وجملة "كلّ نعيم ... ": معطوفة على جملة "كل شيء" لا محل لها من الإعراب. وجملة "لا محالة ... ": لا محل لها من الإعراب لأنّها اعتراضية.
والشاهد فيه قوله: "ما خلا الله" حيث ورد بنصب لفظ الجلالة بعد "خلا"، فدلّ ذلك على أنّ الاسم الواقع بعد "ما خلا" يكون منصوبًا، وذلك لأنّ "ما" هذه مصدرية، و "ما" المصدريَّة لا يكون بعدها إلّا فعل، ولذلك يجب نصب ما بعدها على أنّه مفعول به، وانّما يجوز جرّه إذا كانت حرفًا، وهي لا تكون حرفًا متى سبقها الحرف المصدريّ. وفي البيت شاهد آخر للنحاة، وهو توسّط المستثنى بين جزأي الكلام في قوله: "ألا كلّ شيء ما خلا الله باطل"، يريد: ألا كل شيء باطل ما خلا الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>