للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن فصلت بين المنفيّ والنافي، نحو: "لا لك غلامٌ، ولا في بيتك جاريةٌ"، لم يجز أن تجعلهما معًا اسمًا واحدًا, لأنّ الاسم لا يُفصَل بين بعضه، وبين بعضٍ، ولا يجوز أن يُنصب بها مع الفصل، لأنّ "لا" لا تعمل لضُعْفها، إلَّا فيما يَلِيها، وإذا لم يجز إعمالُها مع الفصل، تَعيَّن أن يُرفع ما بعدها بالابتداء والخبر، ولزم تكريرُها لما ذكرناه. قال الله تعالى: {لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ} (١)، وكذلك إذا كان المنفي معرفةً، لم يجز فيه إلَّا الرفعُ, لأنّ "لا" لا تعمل في معرفةٍ، فلزم التكريرُ، نحو قولك: "لا زيدٌ عندي"، و"لا عمرٌو"، فاعرفه.

* * *

قال صاحب الكتاب: "وقولهم: "لا نولك أن تفعل كذا ",كلام موضوع موضع "لا ينبغي لك أن تفعل", كذا وقوله [من الطويل]:

٣٣٣ - [وأنت امرؤٌ منا خلقت لغيرنا] ... حياتك لا نفعٌ [وموتك فاجع]


= معطوفة على جملة "لا" ومعموليها أو على جملة المبتدأ والخبر، وإمّا لأن "لا" الثانية عاملة عمل "ليس"، فالاسم بعدها مرفوع على أنه اسمها، وخبرها محذوف، والجملة معطوفة على الجملة.
(١) الصافات: ٤٧.
٣٣٣ - التخريج: البيت للضحاك بن هنّام في الاشتقاق ص ٣٥٠؛ وخزانة الأدب ٤/ ٣٦, ٣٨؛ وشرح أبيات سيبويه ١/ ٥٢١؛ ولأبي زبيد الطائي في حماسة البحتري ص ١١٦؛ ولرجل من سلول في الكتاب ٢/ ٣٠٥؛ وبلا نسبة في الأزهيَّة ص ١٦٢؛ والدرر ٢/ ٢٣٥؛ والمقتضب ٤/ ٣٦٠؛ وهمع الهوامع ١/ ١٤٨.
اللغة: منّا: من نسبنا. خلقت لغيرنا: أي إنّ نفعك لسوانا.
المعنى: أنّك من نسبنا غير أنّ نفعك لغيرنا لعدم مشاركتك لنا، فحياتك لا تنفعنا, ولكن موتك يفجعنا لأنّك واحد منّا.
الإعراب: "وأنت": الواو: بحسب ما قبلها, و"أنت": ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ. "امرؤ": خبر المبتدأ مرفوع. "منّا": جار ومجرور متعلّقان بمحذوف نعت لـ "امرؤ". "خلقت": فعل ماض للمجهول، والتاء: ضمير متّصل مبني في محلّ رفع نائب فاعل. "لغيرنا": جار ومجرور متعلقان بـ "خلقت"، و"نا": ضمير متصل مبني في محل جرّ بالإضافة. "حياتك": مبتدأ مرفوع بالضمّة، والكاف: ضمير متّصل مبني في محلّ جرّ بالإضافة. "لا": حرف نفي. "نفع": خبر المبتدأ مرفوع، وقيل: مبتدأ مرفوع خبره محذوف تقديره: "واقع فيها"، وجملة المبتدأ والخبر في محلّ رفع خبر المبتدأ. "وموتك": الواو: حرف عطف، "موتك": مبتدأ مرفوع وهو مضاف، والكاف: ضمير متّصل مبني في محل جرّ بالإضافة. "فاجع": خبر المبتدأ مرفوع.
وجملة "أنت امرؤ منّا": بحسب ما قبلها. وجملة "خلقت ... ": في محل رفع نعت "امرؤ". وجملة "حياتك لا نفع": استئنافية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة: "موتك فاجع": معطوفة على سابقتها.
والشاهد فيه قوله: "حياتك لا نفع وموتك ... " حيث رفع ما بعد "لا" من غير تكرير، وهو قبيح. وهو من الشاذّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>