للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما النوع الثانيِ: فإنّك تُثنيه، وتجمعه، وتؤنّثه، وتُدخِل فيه الألفَ واللام، فتقول: "زيدٌ الأفضلُ أبًا، والأكرمُ خالًا". وتقول في التثنية: "هما الأفضلان"، وفي الجمع: "هم الأفضلون، والأفاضِل". قال الله تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا} (١)، ويكون بناء المؤنث على غيرِ بناءِ المذكر، فتقول: "هندٌ الفُضْلَى"، وفي التثنية: "الفُضْلَيان"، وفي الجمع: "الفُضْلَياتُ"، و"الفُضَلُ"، كما تقول: "الفاضلُ", و"الفاضلة"، و"الفاضلان"، ولا يصحّ دخولُ "مِنْ" فيه، لا تقول: "الأفضلُ منك"؛ لأن "مِنْ" إنما يُؤْتَى بها إذا كان "أفضل" بمعنَى الفضل، فتدخل لابتداءِ الغاية التي منها ابتداء الفضل، فإذا نقلتَه إلى الذات، بطل ذلك المعنى. فأمّا قوله [من السريع]:

٣٦٤ - ولستَ بالأكثَرِ منهم حصَى ... وإنما العِزةُ للكاثِر

فإن "مِنهُم" لا يتعلق بـ "الأكثر" الملفوظِ بها، ويحتمِل أمرَيْن:

أحدُهما: أن يتعلق بـ "أكثر" محذوفة، دل عليها قوله: "بالأكثر" كأنه قال: "ولست بالأكثر بأَكْثَر منهم" لأنه إذا جاز أن تقول: "زيدٌ الأفضلُ أَبًا"، جاز أن تقول: "زيدٌ أفضلُ أبًا" لأن كل واحد يدل على الآخر.


(١) الكهف: ١٠٣.
٣٦٤ - التخريج: البيت للأعشى في ديوانه ص ١٩٣؛ والاشتقاق ص ٦٥؛ وخزانة الأدب ١/ ١٨٥، ٣/ ٤٠٠، ٨/ ٢٥٠، ٢٥١، ٢٥٣، ٢٥٤؛ والخصائص ١/ ١٨٥، ٣/ ٢٣٦؛ وشرح التصريح ٢/ ١٠٤؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ٣٥١؛ وشرح شواهد المغنى ٢/ ٩٠٢؛ ومغني اللبيب ٢/ ٥٧٢؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٣٨؛ ونوادر أبي زيد ص ٢٥؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص ٤٢٢؛ وخزانة الأدب ٢/ ١١.
اللغة: الحصى (هنا): العدد والأنصار. العزّة: الغلبة. الكاثر: الكثير العدد.
المعنى: يقول هاجيًا علقمة بن علاثة: فيم تزعم أنك أعز من عامر، ولست بأكثر منهم عددًا، وإنّما العزة لصاحب الكثرة. لأن الجاهليين كانوا يعتبرون أنّ الكثرة العددية هي مقاس للتفاخر لما تثير في نفوس الأعداء من خوف ورعب، وفي نفوس أصحابها الشعور بالقوّة والمنعة.
الإعراب: "ولست": الواو: بحسب ما قبلها، و"لست": فعل ماضٍ ناقص، والتاء: ضمير متصل مبني في محل رفع اسم "ليس"."بالأكثر": الباء: حرف جر زائد، و"الأكثر": اسم مجرور لفظًا منصوب محلاًّ على أنه خبر "ليس". "منهم": جار ومجرور متعلقان بـ "أكثر" محذوفة دلّ عليها قوله:" بالأكثر" والتقدير "ولست بالأكثر بأكثر منهم". "حصى": تمييز منصوب. "وإنما": (الواو): حرف عطف، و"إنما": كافة ومكفوفة. "العزة": مبتدأ مرفوع. "للكاثر": جار ومجرور متعلقان بالخبر المحذوف.
وجملة "لست بالأكثر ... ": بحسب ما قبلها. وجملة "إنما العزّة للكاثر": استئنافية لا محل لها من الإعراب.
والشاهد فيه: سيوضحه الشارح.

<<  <  ج: ص:  >  >>