للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لامُ في قولك "أبَوَانِ"؛ لأن هذا الموضع، لما كان يلزمُه الإعلال بالقلب، واستمرّ فيه الحذف، أُمضي ذلك فيه، ولم يُرَدَ فيه ما كان يُلْزِمه الإعلالُ له.

وذو المَجازِ موضعٌ بمِنى كان به سُوقٌ في الجاهلية، قال الحارث بن حِلزَةَ [من الخفيف]:

٤٠٩ - واذكرُوا حِلفَ ذِي المَجازِ وقَدْ قُدْ ... دِمَ فيه العُهودُ والكُفَلاءُ

فاعرفه.

وأمّا "ذو" فإنّها لا تضاف إلى مضمرٍ، ولا تضاف إلّا إلى اسمِ جنس وقد تقدّم ذلك، فأما قول الكُمَيت وقيل لكَعب [من الوافر]:

صبحنا الخَزرجيةَ ... إلخ

فهو غريبٌ، وحسنه قليلًا عَوْدُ الضمير إلى المرهفات، وهي، وإن كانت في الأصل صفة؛ فالمرادُ بها هنا الموصوفُ، وهو السيوف، والسيوف جنسٌ، ولا يقاس عليه، ومثلُه [من مجزوء الرمل]:

إنما يَعْرِفُ ذا الفَضـ ... ـلِ مِنَ الناسِ ذَوُوهُ (١)

وهو في هذا البيت أسهلُ أمرًا لعَوْدِ الضمير إلى الفضل، وهو اسمُ جنس.

وأما "الفَمُ" إذا أضيف إلى ياء النفس، ففيه وجهان: أحدهما أن تُجْرِيَه على لفظِ إفراده، كما فعلتَ في أخواته، فتقول: "هذا فَمِي" و"فتحتُ فَمِي"، و"وضعتُه في فَمِي"، كما تقول: "أَخِي"، و "أَبِي". والوجه الثاني أن تَرُدَّ المحذوفَ، فتقول: "هذا فيَّ"، و"فتحتُ فِيَّ"، و"وضعتُه في فيَّ"، فيكون في الأحوال الثلاث بلفطٍ واحد، وهي الياء المشددةُ. وإنما كان كذلك؛ لأنّك تقول: "هذا فُوكَ"، و"رأيت فَاكَ"، و"مررت بفِيكَ"،


٤٠٩ - التخريج: البيت للحارث بن حلّزة في ديوانه ص ٣٦؛ ولسان العرب ٥/ ٣٣٠ (جوز)؛ والبيان والتبيين ٣/ ٧؛ والحيوان ١/ ٦٩؛ وشرح القصائد السبع ص ٤٧٨؛ وشرح القصائد العشر ص ٣٩٢؛ وشرح المعلقات السبع ص ٢٣٢؛ وشرح المعلقات العشر ص ١٢٤.
الإعراب:"واذكروا": الواو للاستئناف، وفعل أمر مبني على حذف النون؛ لأن مضارعه من الأفعال الخمسة، والواو ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل، والألف فارقة. "حلف": مفعول به منصوب بالفتحة، وهو مضاف. "ذي": مضاف إليه مجرور بالياء لأنه من الأسماء الخمسة، وهو مضاف. "المجاز": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "وقد": الواو للاستئناف، "قد": حرف تحقيق. "قدّم": فعل ماضٍ مبني للمجهول مبني على الفتح. "فيه": جار ومجرور متعلقان بـ "قدم". "العهود": نائب فاعل مرفوع بالضمة. "والكفلاء": الواو للعطف، واسم معطوف على سابقه مرفوع بالضمّة.
وجملة "اذكروا": استئنافية لا محل لها من الإعراب. وكذلك جملة "قدّم".
والشاهد فيه قوله: "ذي المجاز" على أنه سوق كان بـ "مِني".
(١) تقدم بالرقم ٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>