للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المضمراتُ، وذلك لأنّك لا تُضْمِر الاسم إلَّا بعد تقدُّم ذكره، ومعرفة المخاطب على من يعود، ومَن يُعْنَى، أو تفسيرٍ يقوم مقامَ الذكر، ولذلك استغنى عن الوصف، ثم العَلَمُ، ثمّ المبهمُ، وما أضيف إلى معرفةٍ من المعارف، فحكمُه حكمُ ذلك المضاف إليه في التعريف؛ لأنّه يسرِي إليه ما فيه من التعريف. ثمّ ما فيه الألفُ واللام. هذا مذهبُ سيبويه (١). وذهب قومٌ إلى أنّ المبهم أعرفُ المعارف؛ لأنّه يتعرّف بالقَلْب والعين، وغيرُه يتعرّف بالقلب لا غيرُ، فكان ما يتعرّف بشيئَيْن أعرفَ ممّا يتعرّف بشيء واحد، ثمّ العَلَمُ، ثمّ المضمرُ، ثمّ ما فيه الألفُ واللام، وهو قولُ أبي بكر بن السَّرّاج. وذهب آخرون إلى أنّ أعرف المعارف العلم, لأنّه في أوّلِ وضعه لا يكون له مشاركٍ، إذ كان علامة تُوضَع على المسمّى يُعرَف بها دون غيره، ويُميَّز من سائرِ الأشخاص، ثمّ المضمرُ، ثمّ المبهمُ، ثمّ ما عُرّف بالألف واللام، وهو قول أبي سَعِيد السِّيرافيّ. فأمّا ما عُرّف بالإضافة، فتعريفُه على حسب ما يضاف إليه من المضمر، والعلم، والمبهمِ، وما فيه الألف واللام على اختلافِ الأقوال.

فأمّا المضمرات فلا توصفَ، وذلك لوُضوحِ معناها، ومعرفة المخاطب بالمقصود بها، إذ كنت لا تُضْمِر الاسمَ إلَّا وقد عرف المخاطبُ إلى مَن يعود، ومَن تَعْنِي، فاستغنى لذلك عن الوصف، ولا يوصَف بها, لأن الصفة تَحْلِيَةٌ بحالِ من أحوالِ الموصوف، والمضمراتُ لا اشتقاقَ لها، فلا تكون تحليةً.

وأمّا العَلَم الخالصُ، فلا يوصَف به؛ لعدم الاشتقاق فيه. وذلك أنّه لم يُسمَّ به لمعنّى استحقّ به ذلك الاسم دون غيره، ويوصَف لِما ذكرناه من إزالة الاشتراك في اللفظ. ووصفُه بثلاثةِ أشياء: بما فيه الألفُ واللام، نحو: "جاءني زيدٌ العاقلُ، والفاضلُ، والعالمُ"، ونحوها ممّا فيه الألفُ واللام، وبما أضيف إلى معرفه من المعارف الأربع، نحو: "غلامك"، و"غلامُ هذا"، و"غلامُ زيد"، و"غلامُ الرجل". تقول: "جاءني زيدٌ غلامُك" فـ "زيدٌ" مرفوعٌ بأنّه فاعلٌ، و"غلامُك" نعتٌ له. وتقول: "جاءني محمّدٌ عبدُ خالدٍ، وغلامُ هذا، وصاحبُ الأمير" وما أشبهَ ذلك.

وربّما وقع في عبارة بعض النحويّين في وصف العلم أنّه يوصَف بكذا، وبالمضاف إلى مثله، وهي من عبارات سيبويه (٢). والمراد: إلى مثله في التعريف، لا في العَلَميّة. ويوصَف بالمبهم، نحو: مررت بزيدٍ هذا, لأن اسم الإشارة، وإن لم يكن مشتقًّا، فهو في تأويل المشتقّ، والتقديرُ: يزيد المشار إليه، أو القريب. هذا مذهبُ سيبويه، فإنَّه كان يرى أنَّ العلم أخصُّ من المبهم.

وشرطُ الصفة أن تكون أعمَّ من الموصوف، ومن قال: إنّ اسم الإشارة أعرفُ من


(١) الكتاب ٢/ ٥.
(٢) الكتاب ٢/ ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>