للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأبدل قولَه: "رجلٍ صحيحةٍ" من قوله: "رجلَيْن"، وكلاهما نكرةٌ.

ومثالُ الرابع: - وهو بدلُ المعرفة من النكرة - قولُك: "مررت برجلٍ زيدٍ". قال الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّهِ} (١)، فالثاني معرفةٌ بالإضافة، وقد أبدله من الأوّل، وهو نكرةٌ فاعرفه.

[فصل [إبدال الاسم الظاهر من الضمير]]

قال صاحب الكتاب: ويبدل المظهر من المضمر الغائب دون المتكلم والمخاطب, تقول: "رأيته زيداً"، و"مررت به زيدٍ" و"صفت وجوهها أولها": ولا تقول: "بي المسكين كان الأمر", ولا "عليك الكريم المعول". والمضمر من المظهر, نحو قولك: "رأيت زيداً إياه", و"مررت بزيد به", والمضمر من المضمر, كقولك: "رأيتك إياك", و"مررت بك بك".

* * *

قال الشارح: اعلم أنّ البدل يتجاذبُه شَبَهان: شبهٌ بالنعت ,وشبهٌ بالتأكيد، فكما أنّ المضمرات تؤكَّد، فكذلك يُبدَل منها، فهو في ذلك كالمظهر، وليس الأمرُ فيه كالنعت على ما تقدّم. وهو في ذلك على ثلاثةِ أضرب: بدلُ مُظْهَرٍ من مضمر، ومضمرٍ من مظهر، ومضمرٍ من مضمر.

فمثالُ الأوّل: - وهو بدل المظهر من المضمر- قولك: "رأيتُه زيدًا". وإذا جرى ذكرُ قومٍ، قلت: "أكرموني إخْوَتُك". ومثلُه قوله تعالى: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} (٢) في أحدِ الوجوه (٣). ومثلُه قوله تعالى: {ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ} (٤)، فـ "الّذِين ظلموا" بدلٌ من المضمر، وكذلك "كَثِيرٌ". وهذا من بدل الشيء من الشيء، وهما لعَيْنٍ واحدةٍ.


= وجملة "كنت ... ": بحسب الواو. وجملة "رمى الزمان": في محلّ جر صفة (رجل). وجملة "فشلت": معطوفة في محل جر.
والشاهد فيه قوله: "رجل صحيحة" و"رجل رمى" حيث أبدلهما من قوله: "رجلين"، وكلاهما نكرة.
(١) الشورى: ٥٢ - ٥٣.
(٢) الأنبياء: ٣.
(٣) هذه الوجوه أَوْصَلها ابن هشام إلى أحد عشر وجهًا، فقال: "جُوّز" {الّذين ظلموا} أن يكون بدلًا من الراو في {وَأَسَرُّوا}، أو مبتدأ خبره إما {وَأَسَرُّوا} أو قولٌ محذوفٌ عاملٌ في جملة الاستفهام، أي: يقولونَ هل هذا، وأن يكون خبرًا لمحذوف: أي هُم الذين، أو فاعلًا بـ"أسرَّوا" والواو علامة، أو بـ"يقول" محذوفًا، أو بدلًا من واو {استمعوه}، وأن يكون منصوبًا على البدَل من مفعول {يأتيهم} أو على إضمار"أذمّ" أو "أَعني"، وأن يكون مجرورًا على البدل من {الناس} في {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ}، أو من الهاء والميم في {لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ}. فهذه أحَدَ عَشَرَ وجهًا. (مغني اللبيب ٢/ ٣٦٦).
(٤) المائدة: ٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>