للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل [أنواع الضمير]]

قال صاحب الكتاب: وهي على ضربين متصل ومنفصل. فالمتصل ما لا ينفك عن اتصاله بكلمة، كقولك: أخوك, وضربك, ومر بك. وهو على ضربين بارزٌ, ومستترٌ. فالبارز ما لفظ به, بالكاف في "أخوك". والمستتر ما نوي كالذي في "زيدٌ ضرب". والمنفصل ما جرى مجرى المظهر في استبداده, كقولك: "هو", و"أنت".

* * *

قال الشارح: لا فَرْقَ بين المضمر والمَكنيّ عند الكوفيين، فهما من قبيلِ الأسماء المترادِفةِ، فمعناهما واحدٌ، وإن اختلفا من جهةِ اللفظ. وأمّا البصريون، فيقولون: المضمراتُ نوعٌ من المكنيّات، فكلُّ مضمر مَكنىٌّ، وليس كلُّ مكنيّ مضمرًا. فالكِنايةُ إقامةُ اسم مُقامَ اسم تَوْرِيَةً وإيجازًا، وقد يكون ذلك بالأسماء الظاهرةِ، نحو: "فُلان"، و"الفُلان"، و"كَيْتَ، وكَيْتَ"، "وكَذَا، وكَذَا". فَفُلان كناية عن أعلام الأناسيّ، والفلان كناية عن أعلام البَهائم، و"كَيْتَ وكَيْتَ" كناية عن الحديث المُدْمَجِ. و"كَذَا وكَذَا" كنايةٌ عن العدد المبهَم.

وإذ كانت الكنايةُ قد تكون بالأسماء الظاهرةِ كما تكون بالمضمرة، كانت المضمراتُ نوعًا من الكنايات. وإنّما أُتي بالمضمرات كلَّها لضربٍ من الإيجاز، واحترازًا من الإلباس. فأمّا الإيجاز فظاهرٌ، لأنّك تستغني بالحرف الواحد عن الاسم بكَماله، فيكون ذلك الحرفُ كجُزْءٍ من الاسم، وأمّا الإلباس فلأنّ الأسماء الظاهرة كثيرةُ الاشتراك، فإذا قلت: "زيدٌ فعل زيدٌ"، جاز أنّ يُتوهّم في "زيدٍ" الثاني أنّه غيرُ الأول. وليس للأسماء الظاهرة أحوالٌ تفترِق بها إذا التبست. وإنّما يُزيل الالتباسَ منها في كثيرٍ من أحوالها الصفاتُ، كقولك: "مررت بزيدٍ الطويلِ، والرجلِ البَزّازِ". والمضمراتُ لا لَبْسَ فيها، فاستغنتْ عن الصفات؛ لأنّ الأحوال المقترِنة بها قد تغني عن الصفات. والأحوالُ المقترِنةُ بها حضورُ المتكلّم والمخاطبِ، والمشاهَدةُ لهما، وتقدُّمُ ذكرِ الغائب الذي يصير به بمنزلةِ الحاضر المشاهَد في الحكمَ. فأعرفُ المضمرات المتكلِّمُ؛ لأنّه لا يُوَهِّمك غيره، ثمّ المخاطبُ، والمخاطبُ تِلْوُ المتكلّم في الحضور والمشاهَدةِ. وأضعفُها

<<  <  ج: ص:  >  >>