للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موضع الخبر. وقولُنا: "الكريمُ أنتَ" "الكريمُ" مبتدأ، و"أنت" الخبرُ، والمبتدأُ وخبرُه العاملُ فيهما الابتداءُ، وهو عامل معنويٌّ، فلا يمكن وصلُ معموله به، فلذلك وجب أن يكون ضميرُهما منفصلاً. ومثلُ ذلك "كيفَ أنتَ؟ " و"أَيْنَ هُوَ؟ ". فـ"كيف" و"أَيْنَ" خبران مقدَّمان، و"أنتَ" و"هُوَ" مبتدآن، فلذلك وجب أن يكون ضميرُهما منفصلاً أيضًا.

وقوله: "إنّ الذاهبين نَحْنُ"، فـ "نحن" خبرُ "إنَّ"، ولا يكون ضميرُه إلّا منفصلاً، لأنّه لا يصحّ اتّصاله بالعامل فيه, لأنّ مرفوعَ "إنّ" وأخواتِها لا يتقدّم على منصوبها.

وقوله [من السريع]:

ما قَطَّرَ الفارسَ إلّا أَنَا

لمّا وقعت الكنايةُ بعد حرف الاستثناء، لم تكن إلّا منفصلةً.

وقوله: "جاء عبدُ الله وأنتَ"، "أنت" عطفٌ على "عبد الله"، فانفصل؛ لأنّه وقع بعد حرف العطف، فلم يلتصِق بالعامل فيه.

وأمّا المنصوب المنفصلُ، فيقع في خمسةِ مواضع أيضاً، إذا تقدّم على عامله، نحو: "إيّاك أكرمتُ"؛ لأنّه لا يمكن اتصالُه بالعامل مع تقدُّمه، أو كان مفعولاً ثانيًا، أو ثالثًا، نحو: "عِلمتُه إيّاه"، و"أعلمتُ زيداً عمرًا إياه"، أو كان إغراءَ المخاطب، نحوَ: "إيّاك والطريقَ". وقد تقدّم شرحُ ذلك.

وربما اضطُرّ الشاعر، فوضع المتّصلَ موضعَ المنفصل، نحو ما أثده أحمدُ بن

يَحْيَى [من البسيط]:

فما نُبالِي إذا ما كنتِ جارَتَنَا ... إلخ

فأتى بالكاف موضعَ "إيّاك" وهو ههنا أسهلُ من قوله [من الرجز]:

إليك حتى بلغتْ إيّاكا (١)

لأنّ فيه عُدولاً إلى الأخفّ الأوجزِ، و"إلّا" في معنى العامل، إذ كانت مُقوِّيةً له، كيف، وقد ذهب بعضُهم إلى أنّها هي العاملةُ؟ وإنّما أتى بالضمير المنصوب بعد "إلّا" هنا؛ لأنّه استثناءٌ مقدَّمٌ، والمرادُ أن لا يُجاوِرنا ديّارٌ إلّا أنتِ، أي: أنت المطلوبةُ، فإذا خلصتِ، فلا التفاتَ إلى غيركِ.

[فصل [توالي ضميرين]]

قال صاحب الكتاب: فإذا التقى ضميران في نحو قولهم: "الدرهم أعطيتكه",


(١) تقدم بالرقم ٤٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>