للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المذكر لبُعدِ المشار إليه، فقالوا: "ذلِكَ"، كذلك زادوها مع المؤنّث، فقالوا "تِلْكَ"، و"تَالِكَ". فأمَّا "تلك" فهي "تِي"، وإنما حذفوا الياء لسكونها وسكونِ اللام بعدها. ولم يكسروا اللامَ كما فعلوا في "ذلِكَ"، كأنهم استثقلوا وقوعَ الياء بين كسرتَيْن لو قالوا: "تِيلِكَ". وقالوا في "تَا" "تَالك"، فلم يحذفوا الألفَ كما لم يحذفوها في "ذِلكَ". وهي قليلةٌ في الاستعمال، والقياسُ لا يأباها. ولم يقولوا: "ذِيكَ"، كأنهم استغنوا عنه بـ "تِيكَ".

[فصل [دخول "ها" التي للتنبيه على أوائلها]]

قال صاحب الكتاب: وتدخل "ها" التي للتنبيه على أوائلها فيقال: "هذا" و"هذاك", و"هذان", و"هاتا", و"هاتي" و"هذي" و"هاتيك", و"هؤلاء""هؤلا".

* * *

قال الشارح: اعلم أن "هَا" كلمةُ تنبيهٍ، وهي على حرفَيْن كـ"لاَ"، و"مَا"، فإذا أرادوا تعظيمَ الأمر والمبالغةَ في إيضاحِ المقصود، جمعوا بين التنبيه والإشارة، وقالوا: "هذَا"، و"هذِهِ"، و"هاتِهِ"، و"هاتَا"، و"هاتِي". قال الشاعر [من الطويل]:

٤٨١ - ونَبَّأتُمانِي إنمَا المَوْتُ بالقُرَى ... فَكَيْفَ وهَاتِي هَضْبَةْ وكَثِيبُ


٤٨١ - التخريج: البيت لكعب بن سعد الغنويّ في الأصمعيات ص ٩٧؛ والحيوان ٣/ ٥٦؛ وشرح أبيات سيبويه ٢/ ٢٦٩؛ ولسان العرب ١٥/ ٤٥٤ (تفسير هذا)؛ وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص ٢٨٤؛ والمقتضب ٢/ ٢٨٨، ٤/ ٢٧٧.
اللغة: الهضبة: الجبل. الكثيب: الرمل المستطيل المحدودب، وأراد به القبر.
المعنى: نُصِح للشاعر أن يخرج بأخيه المريض من القرى إلى البادية لأن الموت في القرى لكثرة أوبئتها، فخرج، فرأى في البادية قبرًا فاستنكر على الناصح نصيحته، وأكد أن الموت لا نجاة منه.
الإعراب: "ونبأتماني": الواو: بحسب ما قبلها، "نبأتماني" فعل ماضٍ مبني على السكون، و"تما": ضمير متصل في محل رفع فاعل، والنون: للوقاية والياء: للمتكلم مفعول به محله النصب. "إنما": كافة ومكفوفة. "الموتُ": مبتدأ مرفوع. "بالقرى": جار ومجرور متعلقان بالخبر المحذوف. "فكيف": الفاء: حرف استئناف، "كيف": اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب على الظرفية المكانية متعلق بخبر محذوف لمبتدأ محذوف عند سيبويه، كأن يكون التقدير: فكيف ذلك؟ أي كيف قولهم، أو إخبارهم؟ والجواب عند سيبويه: إخبارهم في الضلال أو الخطأ أو ما في معناهما، وغير سيبويه يرى أنها في هذه الحالة هي الخبر، كونت مع المقدر جملة اسمية، وهي حال، أو مفعول مطلق بحسب المقصود إذا كانت متلوة بفعل تام كأن يقال: فكيف خبرتماني؟ فإن كان السؤال عن حالهما في الإخبار كانت "كيف" في محل نصب حال، وإن كان المقصود السؤال عن الإخبار ذاته كانت "كيف" في محل نصب على المفعولية المطلقة."وهاتي": الواو: حالية، و"ها": للتنبيه، و"تي": اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. "هضبةٌ": خبر للمبتدأ (هاتي). "وكثيب": الواو: حرف عطف،"كثيب": اسم معطوف على "هضبة".

<<  <  ج: ص:  >  >>