للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يكون في "الذي" وأخواتِها، إلا أن الفرق بين الصلة والصفة، أنّ الجملة إذا كانت صفة كان لها موضعٌ من الإعراب؛ لأنها واقعةٌ موقعَ المفرد، إذ كانت الصفةُ تكون بالمفرد، والصلةُ لا موضعَ لها من الإعراب؛ لأنها لم تقع موقعَ المفرد؛ لأنّ الصلة لا تكون مفردًا.

واعلمْ أن الموصولاتِ ضربٌ من المُبْهَمات، وإنما كانت مبهمةٌ لوقوعها على كل شيء من حَيَوان وجَماد وغيرِهما، كوقُوعِ "هذَا"، و"هؤُلاءِ" ونحوِهما من أسماء الإشارة على كل شيء.

وجملةُ الأمر أن الموصولات تسعةٌ، وهي "الذِي"، و"التِي"، وتثنيتُهما وجمعُهما، و"مَنْ"، و"مَا" بمعناهما، واللام بمعنَى "الذي"، و"أيٌّ"، و"ذُو" في لغةِ طَيِّئٍ، و"ذَا" إذا كان معها "مَا"، وَ"الألى" في معنَى "الذينَ".

فأمّا "الذِي"، فيقع على كل مذكر من العُقلاء وغيرهم، تقول: "جاءني زيدٌ الذي قام أبوه"، و"رأيت الثوْب الذي تعرفُه"، قال الله تعالى: {أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا} (١)، وقال تعالى: {إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} (٢). وفيها أربعُ لغات. قالوا: "الذِي" بياء ساكنة، وهو الأصل فيها.

و"اللَّذ"، بكسر الذال من غيرِ ياء، كأنّهم حذفوا الياء تخفيفًا، إذ كانت الكسرةُ قبلها تدلُّ عليها، فعلوا ذلك كما قالوا: "ياغُلامِ"، و"يا صاحبِ"، بالكسرة اجتزاء بها عن الياء.

الثالثُ: "اللَّذْ"، بسكون الذال، ومُجازُه أنهم لما حذفوا الياء اجتزاء بالكسرة منها، أسكنوا الذال للوقف، ثمّ أجروا الوصل مُجرى الوقف، كما قالوا [من الرجز]:

مِثْل الحَرِيق صادَفَ القَصَبَّا (٣)

وهو من قبيل الضرورة، وعند الكوفيين قياسٌ لكثرته.

الرابعُ: "الذِيُ"، بتشديد الياء للمبالغة في الصفة، كما قالوا: "أحْمَرِيٌّ"، و"أضفَرِيٌّ"، وكما قال [من الرجز]:

والدَّهْرُ بالإنْسانِ دوارِيُّ (٤)

وليس منسوبًا.

وأصلُ "الَّذي": "لَذ"، كـ "عَم" و"شَج"، فاللامُ فاءٌ الكلمة، والذال عينها، والياء لامها. هذا مذهبُ البصريين، وقال الكوفيون (٥): الأصل في "الَّذي" الذال وحدَها، وما


(١) الفرقان: ٤١.
(٢) الإسراء: ١.
(٣) تقدم بالرقم ٤٤٨.
(٤) تقدم بالرقم ١٧٩.
(٥) انظر المسألة الخامسة والتسعين في كتاب "الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين". ص ٦٦٩ - ٦٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>