للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واللام بمعناها، وقد ذكرنا أن "الذِي" إذا تَم بصلته، كان اسمًا مفردًا كـ"زيد" و"عمرو" لا يُفيد إلّا بضمِّ جزء آخرَ إليه. فإذا قيل لك: أَخْبِر عن اسم من الأسماء، فالمرادُ أَلْحِقِ الكلامَ "الذِي" أو الألفَ واللام، واجعلهما في موضعِ مبتدأ، وانزع ذلك الاسمَ من مكانه الذي كان فيه، وضَعْ موضعَه ضميرًا يقوم مقامَه، يكون راجعًا إلى "الذي"، أو إلى الألف واللام، واجعلْ ذلك الاسمَ خبرًا.

مثالُ ذلك إذا قيل لك: أَخْبِرْ عن زيد من قولك: "قام زيدٌ" بـ "الذِي"، قلتَ: "الذي قام زيد"، فيكون "الذِي" مبتدأ، و"قَامَ" صلتَه، وفيه ضمير قام مقامَ "زيد" في كونه الفاعلَ، وهو ضمير راجع إلى "الذِي"، وبه تَم الكلامُ، وهو في المعنى زيدٌ؛ لأنه ضميرُ "الذِي"، و"الذِي" هو زيدٌ. ولذلك كان خبرًا عنه؛ لأن الخبر إذا كان مفردًا هو المبتدأُ في المعنى، فإن أخبرتَ عنه بالألف واللام، قلت: "القائمُ زيدٌ"، فالألفُ واللام قائم مقامَ "الذِي"، واسمُ الفاعل الذي هو"قائمٌ" عوضٌ عن "قَامَ". وفي اسم الفاعل ضمير عائدٌ إلى الألف واللام، والألفُ واللام هما "زيدٌ"، غيرَ أنك أعربتَ الألف واللام بتمامه بإعرابِ "الَّذِي" وحدَها.

فإن أخبرتَ عن "زيد" من قولك: "زيد منطلق"، قلت: "الذي هو منطلق زيد"، جعلتَ بدلَ "زيد" ضميرَه، وهو مبتدأ كما كان "زيدٌ" مبتدأ، و"منطلق" الخبرُ، و"هُوَ منطلق" صلةُ "الذِي"، "وهُوَ" راجع إلى "الذِي"، و"زيد" خبرُ "الذِي"؛ لأن " زيدًا" هو "الذِي" في المعنى. فلو أخذتَ تُخبِر عنه بالألف واللام، لم يصح؛ لأنك تحتاج أن تنقُله إلى اسم الفاعل، واسمُ الفاعل إنما يكون من الفعل، لا من الاسم. ولذلك قال: "إن مجالَ "الذِي" في باب الإخبار أوسعُ من مجال الألف واللام"؛ لأن "الذِي" يكون مع الجملتين الاسمية والفعلية، والألفُ واللام لا تكون إلَّا مع جملة فعلية، فكل ما يُخْبَر عنه بالألف واللام يصح أن يخبَر عنه بـ "الَّذِي"، وليس كلُّ ما يخبر عنه بـ "الَّذي" يجوز أن يخبر عنه بالألف واللام، فكان الإخبارُ بـ "الّذي" أعمَّ.

وقوله: "والإخبار عن كل اسم في جمله سائغ"، يريد الجملةَ الخبرية التي يحسن في جوابها صِدْقٌ وكذب لأن هذه الجمل تقع صلاتٍ وصفاتٍ، كما تقع أخبارًا، والأسماة بحُكْم أنها أسماءٌ سِماتٌ على مسمَّياتِ يجوز الإخبارُ عنها بأحوالها، إلَّا إذا منع مانع، وسنذكُرَ الموانعَ فيما بعدُ.

* * *

قال صاحب الكتاب: وطريقة الإخبار أن تصدر الجملة بالموصول, وتزحلف الإسم إلى عجزها واضعاً مكانه ضميراً عائداً إلى الموصول. بيانه أنك تقول في الإخبار عن زيد في "زيد منطلق": "الذي هو منطلق زيد", وعن "منطلق": "الذي زيد هومنطلق", وعن

<<  <  ج: ص:  >  >>