للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترى أن الأصل، وأقوى اللغتين، وهي الحجازية، أنك تقول: "ها الْمُم"؟ فلمّا كانت اللام في حكمِ الساكن، حُذفت لها ألفُ "هَا"، كما تحذَف لالتقاء الساكنين، وجُعلا اسمًا واحدًا.

وقال الفراء: أصله "هَلْ أُمَ"، أي: اقْصِد، فخُففت الهمزة، بأن أُلقيت حركتها على اللام، وحُذفت، فصارت "هَلُمّ". وقد أنكر بعضهم ذلك، وقال: إنّه ضعيف من جهة المعنى، إذ كانت "هَل" للاستفهام، ولا مَدخَلَ للاستفهام ها هنا. والقول: إِن "هَل" التي رُكّبت مع "أُمَّ" ليست التي للاستفهام، وإنّما هي التي للزجْر والحَث، من قوله [من الرمل]:

٥٤٢ - [يَتَمارَى في الذي قُلْتُ لَهُ] ... وَلَقَد تَسمَع قَولِي حَيهَلْ

وفيها مذهبان:

أحدهما: وهو مذهب أهل الحجاز، أن تكون بلفظ واحد مع الواحد والاثنين والجماعة، والمذكر والمؤنث، نحوِ: "هَلُم يا رجلُ"، و"هلم يا رجلان"، و"هلمّ يا رجالُ"، و"هلم يا امرأة"، و"هلم يا امرأتان"، و"هلم يا نسوةُ". يستوي في اللفظ الواحدُ والجمعُ، كما كان كذلك في "صَهْ"، و"مَهْ" ونحوهما، وهو القياس، وبه ورد التنزيل. قال الله تعالى: {وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا} (١)، أَفرد، والمخاطبون جماعة، وعليه قوله [من الرجز]:

٥٤٣ - يا أيهَا الناسُ ألَا هَلُمَّه


٥٤٢ - التخريج: البيت للبيد بن ربيعة في ديوانه ص ١٨٣؛ والأزمنة والأمكنة ٢/ ١٥٣؛ وخزانة الأدب ٦/ ٢٥٨، ٢٥٩, ٢٦٠؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ١٢٨١؛ ولسان العرب ١١/ ٧٠٨ (هلل)؛ وبلا نسبة في الخصائص ٣/ ٣٦.
شرح المفردات: يتمارى: يشكل. حَيهَل: أَسرع.
الإعراب: "يتمارى": فعل مضارع مرفوع بضمّة مقدرة على الألف للتعذر، وفاعله ضمير مستتر جوازًا تقديره: هو. "في": حرف جر. "الذى": اسم موصول مبني في محل جر بحرف الجر، والجارّ والمجرور متعلقانْ بـ "يتمارى"."قلت": فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرّك، والتاء: ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل. "له": جار ومجروو متعلقان بـ "قلت". "ولقد": الواو: واو القسم، واللام: موطئة للقسم لا محل لها من الإعراب، "قد": حرف تحقيق. "تسمع": فعل مضارع مرفوع بالضمة، وفاعله ضمير مستتر وجوبًا تقديره: أنت. "قولى": مفعول به منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، والياء: ضمير متصل مبني في محل جرّ مضاف إليه. "حيَّهُل": اسم فعل أمر مبني على السكون بمعنى "أقبل" أو "عجّل"، وفاعله ضمير مستتر وجوبًا تقديره: أنت.
جملة "يتمارى": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "قلت له": صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. وجملة "تسمع": جواب القسم لا محل لها من الإعراب. وجملة "حيّ هل": في محل نصب مفعول به (مقول القول).
والشاهد فيه قوله: "حيهَل" حيث أراد التأكد على أن "هل" هنا للزجر والحث، وليست للاستفهام، كما هي في "هل أُم".
(١) الأحزاب: ١٨.
٥٤٣ - التخريج: الرجز بلا نسبة في الأزهية ص ٢٥٧؛ وخزانة الأدب ٤/ ٢٦٧؛ والخصائص ٢/ ٣٦.=

<<  <  ج: ص:  >  >>