للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا لا يكون إلَّا اسمَ فعل لنَصْبه ما بعده، فأمّا قول الآخر [من البسيط]:

٥٥٦ - حَمّالُ أثْقالِ أهْلِ الوُدِّ آوِنَةً ... أُعْطِيهِمِ الجَهْدَ مِنِّي بَلْهَ ما أسَعُ

فيجوز أن تكون "مَا" في موضعِ نصب، ويكون في "بَلْهَ" ضميرُ مرفوع. ويدلّ على ذلك قوله:

بَلْهَ الجلّةَ النُّجُبا

ويجوز أن يكون موضعه جرًّا على من أنشد "بَلْهَ الأكُفِّ"، يجعله مصدرًا. وذهب أبو الحسن الأخفشُ إلى أن "بَلْه" حرفُ جرّ بمنزلةِ "حَاشَى"، و"عَدَا".

وقد حكى أبو زيد فيها: "بَهْلَ"، قلب اللامَ إلى موضع العين، وحكى عنهم: "إنّ


= "فبله": الفاء: حرف استئناف، "بله": اسم فعل أمر بمعنى (دَعْ)، وفاعله ضمير مستتر وجوبا تقديره: أنت. "الجلة": مفعول به منصوب بالفتحة. "النجبا": نعت (الجلة) منصوب بالفتحة المقدّرة على الألف للتعذر، أو المقدرة على الهمزة المحذوفة للضرورة.
جملة "يمشي": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "غنّى": في محلّ جرّ مضاف إليه. وجملة "فبله": استئنافية لا محل لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله: "فبله الجلة" حيث جاء "بله" اسم فعل أمر، ونصب مفعولًا به بعده.
٥٥٦ - التخريج: البيت لأبي زبيد الطائي في ديوانه ص ١٠٩؛ وخزانة الأدب ٦/ ٢٢٨، ٢٢٩، ٢٣٦؛ ولسان العرب ١٣/ ٤٠ (أون)، ١٣/ ٤٧٨ (بله)؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص ٣٨٠؛ ولسان العرب ٨/ ٣٩٢ (وسع).
اللغة: آونة: جمع أوان بمعنى الحين. الجَهدَ: النهاية والغاية، وهو مصدر جهد في الأمر جهدًا إذا طلبه حتى بلغ الغاية فيه، ومصدر جهد، أي: بذل وُسْعَه وطاقته في طلبه ليبلغ مجهوده. أسَعُ: أستطيع.
المعنى: إنه يتحمل مسؤولياته تجاه من يودونه، بل ربما بذل من أجلهم ما بِوِسعِه.
الإعراب: "حَمال": خبر لمبتدأ محذوف. "أَثقالِ": مضاف إِليه مجرور بالكسرة. وكذلك "أهل" و"الود". و"آونة": مفعول فيه ظرف زمان منصوب بالفتحة متعلق بـ "حَمال". "أعطيهم": فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الياء لثقل، والفاعل مستتر تقديره: أنا، "هم": مفعول به محله النصب. "الجهدَ": مفعول به ثان منصوب بالفتحة. "منِّي": جار ومجرور متعلقان بحال محذوفة من "الجهُدَ". "بله": مفعول مطلق لفعل محذوف. "ما": اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالإضافة. "أَسَعُ": فعل مضارع مرفوع بضمة ظاهرة، وفاعله مستتر وجوبا تقديره: أنا.
جملة "أنا حَمَّال": استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة "أعطيهم": يمكن أن تكون خبرا ثانيا للمبتدأ المحذوف "أنا"، ويمكن أن تكون تفسيرا لـ"حمال" لا محل لها من الإعراب. وجملة "أَسَعُ": صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. وجملة "بله" مع عامله المحذوف: استئنافية لا محل لها من الإعراب. وفي البيت توجيهات أخرى عرضها البغدادي في "الخزانة".
والشاهد فيه قوله: "بله": حيث جاء حرف جر عند الأخفش كـ"عَدَا" و"خلا" بمعنى "سوى"، وذهب غيره إِلى أنها اسم فعل أمر، وقد عرض البغدادي ذلك كله بإِسهاب في "الخزانة".

<<  <  ج: ص:  >  >>