للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قُرىء {لله الأمْرُ من قَبْل وَمِن بَعْد} (١)، ويقال: "ابدأ به أولاً".

* * *

قال الشارح: قد تقدم القول: إن المضاف إليه من تمام المضاف إذ كان مُعرفًا له، فهو بمنزلة اللام من "الرجل" و"الغلام"، فإذا حُذف المضاف إليه مع إرادته، كان ما بقي كبعض الاسم، وبعضُ الاسم لا يستحق الإعرابَ. وأمّا إذا حُذف، ولم يُنْوَ ثبوتُه، ولا التعريفُ به، كان المضاف تامًا، فيُعرَب كسائر النكرات، نحو: "فَرَسٍ"، و"غلامٍ".

فتقول: "جئت قَبْلاً، وبَعْدًا، ومِن قَبْلٍ ومن بَعْدٍ". وأما قول الشاعر [من الوافر]:

فساغ لي الشراب ... إلخ

فشاهد على إعرابِ "قَبْلٍ" حيث حُذف منها المضاف إليه، ولم يُنْوَ، والمشهورُ فيه الرواية: "بالماء الفرات"، ورواه الثعالبِيّ عن أبي عمرو: "بالماء الحميمِ"، وهو المحفوظ.

وقُرىء {لله الأمرُ من قبل ومن بعدِ} (٢) بالجرّ والتنوين على إرادة النكرة، وقَطْعِ النظر عن المضاف إليه، وقرأ الجَحْدَري، وعونٌ العُقْيْليّ: {من قبلِ ومن بعدِ} بالجرّ من غير تنوين على إرادة المضاف إليه وتقديرِ وجوده.

ومثله في إرادة النكرة قولُهم: "ابْدَأْ بذلك أولًا"، أي: مُقدمًا , ولم يتعرّض للتقدم


= وشرح ابن عقيل ص ٣٩٧؛ ولسان العرب ١٢/ ١٥٤ (حمم)؛ وتاج العروس (حمم)؛ وهمع الهوامع ١/ ٢١٠. ويروى "الحميم" مكان "الفراتِ".
اللغة: ساغ الشراب: سهل مروره في الحلق. غصّ بالطعام أو الشراب: تعذر بلعه فمنعه عن التنفس. الماء الفرات: الماء العذب.
المعنى: هنؤ عيشه، وطاب شرابه بعد أن أدرك هدفه، ونال مبتغاه، وقد كان من قبل لا يستسيغ الماء العذب.
الإعراب: "فساغ": الفاء: بحسب ما قبلها, و"ساغ": فعل ماض مبني على الفتحة الظاهرة. "لي": اللام: حرف جر، والياء: ضمير متّصل مبنيّ في محل جر بحرف الجر، والجار والمجرور متعلقان بالفعل "ساغ". "الشراب": فاعل مرفوع بالضمّة الظاهرة. "وكنت": الواو: واو الحال. و"كنت": فعل ماض ناقص، والتاء: ضمير متصل مبني في محل رفع اسم "كان". "قبلاً": ظرف زمان منصوب متعلق بـ "أغص". "أكاد": فعل مضارع ناقص، واسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: أنا. "أغص": فعل مضارع مرفوع بالضمة، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنا. "بالماء": الباء: حرف جر، "الماء": اسم مجرور بالكسرة الظاهرة، والجار والمجرور متعلقان بالفعل "أغص". "الفرات": نعت "الماء" مجرور بالكسرة.
وجملة "ساغ الشراب": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "كنت قبلًا ... ": في محل نصب حال. وجملة، "أكاد أغص": في محل نصب خبر "كنت". وجملة "أغص ... ": في محل نصب خبر "أكاد".
والشاهد فيه قوله: "قبلًا" حيث نون الشاعر الظرف ليقطعه عن الإضافة لفظًا ومعنى.
(١) الروم: ٤. وقد تقدم تخريج هذه القراءة منذ قليل.
(٢) الروم: ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>