للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: وقفات الوداع]

فلما انتهت المعركة نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أرضها , وأخذ يتفقد أصحابه - رضي الله عنهم - , حتى وقف على مصعب بن عمير - رضي الله عنه - , فدعا له , وأخبر أنه ومن معه من الصحابة - رضي الله عنهم - شهداء عند الله , فعن أبي هريرة - رضي الله عنه -، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين انصرف من أحد, مر على مصعب بن عمير - رضي الله عنه - وهو مقتول على طريقه، فوقف عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودعا له، ثم قرأ هذه الآية: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (٢٣)} (١) , ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أشهد أن هؤلاء شهداء عند الله يوم القيامة، فأتوهم وزوروهم، والذي نفسي بيده لا يسلم عليهم أحد إلى يوم القيامة إلا ردوا عليه» " (٢).

وكذلك قال عنه - صلى الله عليه وسلم - في نفس الموقف: «لقد رأيتك بمكة وما بها أحد أرق حُلّة ولا أحسن لِمّة منك , ثم أنت شعث الرأس في بردة». ثم أمر - صلى الله عليه وسلم - بقبره - رضي الله عنه - , فنزل في قبره أخوه أبو الروم بن عمير وعامر بن ربيعة وسويبط بن سعد بن حرملة.

وقد استشهد مصعبٌ - رضي الله عنه - على رأس اثنين وثلاثين شهراً من الهجرة وهو ابن أربعين سنة أو يزيد شيئاً (٣).

وجاء في بعض التفاسير في قول الله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ


(١) سورة الأحزاب: آية (٢٣).
(٢) الحاكم: المستدرك على الصحيحين , كتاب التفسير , باب من قراءات النبي - صلى الله عليه وسلم - ... , ٢/ ٢٧١ , رقم ٢٩٧٧ , هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة , ١١/ ٣٦٥ , رقم ٥٢٢١.
(٣) ابن سعد: الطبقات الكبرى , ٣/ ٩٠.

<<  <   >  >>