للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٥٠هـ. ولكنها كانت استشهادات قليلة (١)، فمعظم الاستشهادات الشعرية لشعراء كانوا قبل عام ١٥٠هـ.

لقد لقيت فكرة تحديد نُطُق معينة للاحتجاج ((احترامًا كبيرا تمثَّل في الاعتراف بها، والأخذ في تحديد طبقات الشعراء وغيرهم بها، كما تمثل في التزام علماء اللغة بها إلى درجة كبيرة من حيث تجنب الاحتجاج بكلام المولدين)) (٢).

وكان من تبعات هذا التحديد الزماني والمكاني أن ((حُرِم النحو من صور رفيعة من التركيب اللغوي كانت دراستها أجدى على العربية ولاشك من تلك الآراء والنوادر التي شُغلوا بالتقاطها. وكان جل قيمتها أن تمثل شواذ أواستثناءات وتفريعات تضفي على القواعد النحوية بظلال كثيفة من الاضطراب والتهويش)) (٣).

أما جانب اللغة فقد كان الأمر أفدح؛ إذ إن اللغويين ((أخذوا بتلك المعايير بصورة شبه كاملة أيضا؛ إذ أعرضوا عن نتاج مئات ومئات من الشعراء والناثرين ذوي الحس العربي الأصيل؛ فحرموا اللغة من ثروة من الإضافات في المفردات والتعبيرات لا يمكن جمعها الآن إلا بجهود كثيرة متضافرة قد لا تتيسر)) (٤).


(١) مثل شعر أبي نواس، توفي ١٩٨ هـ، والبحتري توفي ٢٨٤ هـ[١/ ٤٠٨]، وعبد الله ابن طاهر توفي ٢٣٠ هـ[٢/ ١٧]، ومسلم بن الوليد صريع الغواني توفي ٢٠٨ هـ[٢/ ٣٧]، وأبودلف العِجْليّ توفي ٢٢١هـ أو٢٣٠هـ[٢/ ٩٨]، المتنبي توفي ٣٥٤ هـ[٢/ ٣٢٢]. بل نجد أن التبريزي يستشهد بشعر بعض المحدثين دون أن يذكر اسمه. قال عند قول أبي تمام [٢/ ١٥]:
إِن تَنفَلِت وَأُنوفُ المَوتِ راغِمَةٌ ... فَاذَهب فَأَنتَ طَليقُ الرَّكضِ يا لُبَدُ [بحر البسيط]
((شبهه بلبد، وهوآخر نسور لقمان، ... وقال بعض المحدَثين يخاطب رجلا شبهه بلبد في طول عمره:
يا نسر لقمان كم تعيش وكم ... تسحب ذيل الحياة يا لبد))
كما أن كلمة ((يقال)) كثيرة الدوران على لسان التبريزي لم تربط بفترة زمنية محددة.
(٢) الاحتجاج بالشعر في اللغة، الواقع ودلالته: د. محمد حسن حسن جبل،٨٥ [دار الفكر العربي].
(٣) الاحتجاج بالشعر في اللغة، الواقع ودلالته: د. محمد حسن حسن جبل، ص ٨٧.
(٤) الاحتجاج بالشعر في اللغة، الواقع ودلالته: د. محمد حسن حسن جبل، ص٨٧.

<<  <   >  >>