للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥ـ وأن مصطلح البنية ليس مصطلحا حديثا، بل هو قديم، وأقدم من استخدمه قبل التبريزي على وجه التقريب هو المبرد المتوفى عام ٢٨٥هـ في كتابه المقتضب عند حديثه عن الهمزة حيث قال: ((وَلم يجز أَن تَجْتَمِع همزتان فِي كلمة سوى مَا نذكرهُ فِي التقاءِ الْعَينَيْنِ اللَّتَيْنِ بِنْية الأُولى مِنْهُمَا السّكُون)) (١).

ـ الأبنية الصرفية عند التبريزي:

سبق أن أوضحنا ـ عند حديثنا عن المادة الصرفية عند أبي العلاء ـ أن ألفاظ اللغة عند اللغويين تنتظمها ((أبنية)) محددة ومعلومة عندهم. وتلك الأبنية تكونت وتحددت لديهم بعد استقراء وإنعام للنظر طويلين لهذه الألفاظ.

وهذه هي نفس الحقيقة التي نستشفها ونستنتجها بشكل أوضح مما هي عليه عند أبي العلاء من مواضع كثيرة من شرح التبريزي:

ـ قال: ((بَهرام: عندهم المريخ، وبعض الناس يقوله بفتح الباء، ولا يخرجه إلى أمثلة العرب؛ لأن ((فَعلالا)) في المضاعف قليل جدا، ومن الناس من يكسر الباء ليخرج إلى باب ضِرْغام وسِرْداح)) (٢).

ـ وقال: ((عَقَرْقُس: على وزن سَفَرْجُل بضم الجيم، وهواسم موضع أجنبي، وهو يشابه في الوزن قولهم كنَهْبُل لضرب من الشجر، وفيه اختلاف، فقوم يجعلون نونه زائدة، وقوم يجعلونه بناء من الأُصُول، وكلا الوجهين يحتمله القياس، ولوأن عقرقُس اسم عربي لم يحكم على أحد قافيه بالزيادة في مذهب أصحاب التصريف)) (٣).

وبدراسة المواضع التي تحدث فيها التبريزي عن البني الصرفية يمكن أن نخرج ببعض الحقائق والملحوظات التالية:

- أولى هذه الحقائق أن هذه الأبنية ((متفق عليها) بمعنى: أن قبول اللغويين لبنية معينة ليس ناتجا عن علة معينة، أولسبب معين، وإنما قبولهم لبنية


(١) ١/ ١٥٥، تحقيق محمد عبد الخالق عظيمة، الناشر عالم الكتب، بيروت
(٢) ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [٢/ ٧١ ـ ٧٢ب١٢].
(٣) ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [٣/ ٢٣٦ ـ ٢٣٧ب١٩]. وينظر أيضا: [١/ ٢٣٥ب٦]

<<  <   >  >>