للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد جعل البلاغيون هذا المستوى ((الخلفية الوهمية وراء الصياغة الفنية، التي يمكن أن يقيسوا إليها عملية العدول في هذه الصياغة)) (١).

والانحراف الأدبي الذي يتميز به النص الشعري بشكل عام على ضربين:

((الأول: انحراف بلاغي، يأتي من خارج النص (استعاري أو كنائي)، الثاني: انحراف دلالي، يأتي من داخل النص، إعادة شحن الدال بدلالة جديدة)) (٢).

وقد استخدم التبريزي الاستعمال اللغوي الثابت عنده وفي عصره كمعيار ينطلق منه لتوضيح الانحرافات التي كان يخرج أبوتمام بها بعيدا عن هذا الاستعمال، وأهم هذه المواضع التي استخدم فيها ((الاستعمال)) لبيان تلك الانحرافات التالي: قال عند قول أبي تمام:

كُلُّ شَيءٍ غَثٌّ إِذا عادَ وَالمَعروفُ غَثٌّ ما كانَ غَيرَ مُعادِ [بحر الخفيف]

((.. أصل الغث من قولهم: ((لحم غث))؛ إذا لم يكن سمينًا، و ((حديث غث))؛ إذا لم يكن عليه طلاوة، فاستعار ((الغثاثة)) هاهنا في الأشياء كلها، وإنما المعروف أن يستعمل في الحديث)) (٣).

ـ وقال عند قول أبي تمام:

فَطَحطَحتُ سَدّاً سَدُّ ياجوجَ دونَهُ ... مِنَ الهَمِّ لَم يُفرَغ عَلى زُبرِهِ قِطرُ [بحر الطويل]

((وجمع ((زُبْرةً)) على ((زُبْر))، وذلك جمع غير معروف، وإنما يقال: ((زُبْرة وزُبَر))، وكذلك جاء القرآن)) (٤).

ـ وقال: ((الأَرْية واحدة الأرْي، وهوالعسل، وقلما تستعمل هذه الكلمة موحدة)) (٥).

ـ وقال عند قول أبي تمام:


(١) السابق: ص ٢٦٩
(٢) عبد العزيز موافي: الرؤية والعبارة، مدخل إلى فهم الشعر، ص٢٦٢
(٣) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [١/ ٣٦٦ب٣٥].
(٤) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [٤/ ٥٦٩ب٨].
(٥) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [٣/ ٢٣٥ب١٢].

<<  <   >  >>