للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بقي أن نثبت في ختام هذه الجزئية أن المعتزلة ـ وهم أصحاب المنهج العقلي في الإسلام ـ اعتمدوا في فهمهم للنصوص على اللغة أيضا كأداة للتأويل فقد حظيت عندهم ((بجانب عظيم من الاهتمام)) (١).

****

٣) وجه التشابه الثالث: تأويل الآية كل التأويلات الممكنة باستغلال

((المعاني المعجمية، أوالصرفية))، والجمع بين ((القراءات))، وهذا يتفق مع منهج أبي العلاء في تأويل البيت كل التأويلات الممكنة في غياب القرينة المحددة لمعنى معين، والجمع بين الروايات المختلفة للبيت المشروح:

نص العلماء على أنه إذا وجدت لفظة في كتاب الله ـ ولها أكثر من معنى ـ فإن تفسير اللفظة بأحد هذه المعاني يعد ((مقبولا) قال السيوطي: ((والخلاف بين السلف في التفسير قليلٌ، وغالب ما يصح عنهم من الخلاف يرجع إلى اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد؛ وذلك صنفان؛ أحدهما: أن يعبر واحد منهم عن المراد بعبارة غير عبارة صاحبه، تدل على معنًى في المسمى غير المعنى الآخر، مع اتحاد المسمى، كتفسيرهم {الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة:٦] بعض بالقرآن، وبعض بالإسلام (...) الثاني: أن يذكر كل منهم من الاسم العام بعض أنواعه على سبيل التمثيل، وتنبيه المستمع على النوع، لا على سبيل الحد المطابق للمحدود في عمومه وخصوصه (...) وهذان الصنفان اللذان ذكرناهما في تنوع التفسير ـ تارة لتنوع الأسماء والصفات، وتارة لذكر بعض أنواع المسمى ـ هوالغالب في تفسير سلف الأمة الذي يظن أنه مختلف. ومن التنازع الموجود عنهم ما يكون اللفظ فيه محتملا للأمرين، إما لكونه ((مشتركا في اللغة))، كلفظ ((القسورة))، الذي يراد به الرامي، ويراد به الأسد، ولفظ: ((عسعس))، الذي يراد به إقبال الليل وإدباره، وإما لكونه متواطئا في الأصل؛ لكن المراد به أحد النوعين أوأحد الشخصين، كالضمائر في قوله: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى


(١) موقف المعتزلة من تفسير القرآن والأحاديث المروية، د. مصطفى الصاوي الجويني، مقال بمجلة العربي ع ١٢٢، ص١٣٨

<<  <   >  >>