للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجعل يستغفر له أيامًا حتى نزل "ما كان للنبي". فلما مضى خمسة أشهر توفيت خديجة رضي الله عنها وهي بنت خمس وستين سنة، فاجتمعت عليه مصيبتان فلزم بيته ونال من قريش ما لم يكن ينال، فبلغ أبا لهب ذلك فقال: يا محمد! امض لما أردت وما كنت صانعا، لا يصلون إليك حتى أموت، فمكث أيامًا لا يتعرض له، فقال أبو جهل: يزعم ابن أخيك أن عبد المطلب في النار! فقال: والله لا برحت لك عدوا! فاشتد عليه هو وسائر قريشن فخرج في شواله إلى الطائف مع زيد فأقام بها عشرة أيام أو شهرًا يدعو أشرافهم ويكلمهم، فلم يجيبوه وأغروا به سفهاءهم يرمونه بالحجارة حتى شج رأسه وقدماه، واجتمع الناس عليه حتى ألجأوه إلى حائط عتبه وشيبة ابني ربيعة وهما يريان ما لقي من سفهاء ثقيف قائلًا: اللهم! إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي- إلخ، فرقا له وأرسلا قطف عنب، فأخذ فانصرف إلى مكة محزونًا، فلما نزل نخلة قام يصلي من الليل، فصرف إيه نفر من الجن سبعة نفر من أهل نصيبين ونزل "وإذ صرفنا إليك نفرًا من الجن" وأقام بنخلة أيامًا، فأرسل إلى مطعم بن عدي فأجازه فدخل مكة، وكان يقف بالموسم على القبائل قبيلة قبيلة يعرض الدعوة فترد أقبح رد، ما سمع بقادم شريف إلا عرض له، ويتبع الناس في منازلهم بعكاظ ومجنة، وفي الموسم يقول: من ينصرني ويؤويني حتى أبلغ رسالة ربي! حتى بعث الله الأنصار. وفيها نزل "قل أوحي" ومر به جند الشيطان الذين صرفهم في سبب الحيلولة بين خبر السماء والشياطين. وفيها تزوج عائشة وسودة.

[حادية عشرة] وفي الحادية عشرة لفي رهطا من الخزرج فدعاهم وتلا القرآن فقال بعضهم لبعض: إنه نبي يعدكم به اليهود فلا يسبقنكم إليه، فأمنوا وكانوا ستة: أسعد ابن زرارة، وعون بن الحارث أي ابن عفراء، ورافع بن مالك، وقطبة بن عامر، وقطبة بن نابي، وجابر نب عبد الله، فقدموا المدينة ودعوا أهلها إلى الإسلام حتى فشا فيهم، فلم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها ذكر النبي صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>