للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا قول جمهور المفسرين. وتلخيص أقوالهم ما قاله أبو عبيدة: {عَرَّفَهَا لَهُمْ (٦) } [محمد: ٦] أي: بيَّنها لهم، حتى عرفوها من غير استدلال (١) .

وقال مُقَاتل بن حيَّان: "بلغنا أنَّ الملك الموكل بحفظ عمل بني آدم يمشي في الجنَّة، ويتبعه ابن آدم حتى يأتي أقصى منزل هو له، فيعرفه كل شيءٍ أعطاهُ اللَّهُ في الجنَّة، فإذا دخلَ إلى منزله وأزواجه انصرف الملك عنه" (٢) .

وقال سلمة بن كُهَيْل: "طَرَّقها لهم" (٣) .

ومعنى هذا: أنَّه طرقها لهم حتَّى يهتدوا إليها.

وقال الحسن: "وصف اللَّه الجنَّة في الدنيا لهم، فإذا دخلوها عرفوها بصفتها" (٤) .

وعلى هذا القول، فالتعريف وقع في الدنيا، ويكون المعنى: يدخلهم الجنَّة التي عرَّفها لهم، وعلى القول الأوَّل: يكون التعريف


(١) انظر: مجاز القرآن (٢/ ٢١٤) وفيه (بَيَّنها، وعرَّفهم منازلهم)، زاد المسير لابن الجوزي (٧/ ٣٩٨)، وتفسير القرطبي (١٦/ ٢٣١).
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره كما في الدرر (٦/ ٢٣).
وقال القرطبي في تفسيره (١٦/ ٢٣١): "وحديث أبي سعيد الخدري يردُّه". قلتُ: حديث أبي سعيد سيورده ابن القيم قريبًا وهو نصٌّ في ذلك.
(٣) أخرجه الحربي في "غريب الحديث" (١/ ١٨٩): بلفظ: "يُعَرَّفون طُرُقها".
وسنده حسن.
(٤) ذكره الماوردي في تفسيره (٥/ ٢٩٤ - ٢٩٥) بنحوه.