للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واقعًا في الآخرة، هذا كلُّه إذا قيل: إنَّه من التعريف.

وفيها قولٌ آخر: إنَّها من العَرْفِ، وهو الرَّائحة الطيبة، وهذا اختيار الزجاج، أي: طيَّبها، ومنه طعام مُعرَّف أي مطيَّب (١) .

وقيل: هو من العُرف، وهو التَّتابع: أي تابع لهم طيباتها وملاذَّها. والقول هو الأوَّل، وأنَّه سبحانه أعلمها وبيَّنها بما يعلم به كل أحد منزله وداره، فلا يتعدَّاهُ إلى غيره.

وفي "صحيح البخاري" (٢) من حديث قتادة عن أبي المتوكل النَّاجي عن أبي سعيد الخدري رضي اللَّهُ عنه أنَّ نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: إذا خلص المؤمنون من النَّارِ حُبِسوا بقنطرةٍ بين الجنَّة والنَّار، يتقاصُّون مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هُذَّبوا ونقُّوا أُذِنَ لهم بدخول الجنَّة، والَّذي نفسي بيده إنَّ أحدهم بمنزله في الجنَّة أدلُّ منه بمسكنه كان في الدنيا".

وفي "مسند إسحاق" من حديث أبي هريرة قال: قال رسول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "والَّذي بعثني بالحقِّ، ما أنتم في الدنيا بأعرف بأزواجكم ومساكنكم من أهل الجنَّة بأزواجهم ومساكنهم إذا دخلوا الجنَّة" (٣) .


(١) انظر: زاد المسير لابن الجوزي (٧/ ٣٩٨)، وتفسير السمرقندي "بحر العلوم" (٣/ ٢٤١).
(٢) أخرجه البخاري رقم (٢٣٠٨) وعنده ". . فوالَّذي نفس محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- بيده لأحدهم بمسكنه في الجنَّة أدلَّ بمنزله كان في الدنيا".
(٣) هو قطعة من حديث الصور الطويل، وقد تقدم في الباب (٣١) ص (٢٦١).