للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال علي بن الجعد في "الجعديات": أخبرنا زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي رضي اللَّهُ عنه قال: يُساق الَّذين اتقوا ربهم إلى الجنَّة زُمَرًا حتَّى ينتهوا إلى بابٍ من أبوابها، وجدوا عنده شجرةً يخرج من تحت ساقها عينان تجريان، فعدوا إلى إحداهما كأنَّما أُمِرُوا بها، فشربوا منها فأذهبت ما في بطونهم من أذًى أو قذىً أو بأس، ثمَّ عمدوا إلى الأُخرى فتطهروا منها فجرت عليهم نضرة النعيم، فلن تغيَّر أبشارهم أو تغير بعدها أبدًا، ولن تشعث أشعارهم كأنَّما دُهِنُوا بالدِّهان، ثمَّ انتهوا إلى خزنة الجنَّة فقالوا: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (٧٣) } [الزمر: ٧٣] قال: ثمَّ تتلقَّاهم الولدان يطيفون (١) بهم، كما يطيف ولدان أهل الدنيا بالحميم يقدم من غيبته، فيقولون: أبشرْ بما أعدَّ اللَّهُ (٢) لك من الكرامة -كذا قال- ثمَّ ينطلقُ غلامٌ من أولئك الولدان إلى بعض أزواجه من الحور العين، فيقول: قد جاء فلانٌ باسمه الَّذي يُدعى به في الدنيا، فتقول: أنتَ رأيته؟ فيقول: أنا رأيته، وهو ذا بأثري، فيستخف إحداهنَّ الفرحُ، حتى تقوم على أسكُفَّةِ بابها، فإذا انتهى إلى منزله نظر إلى أساس بنيانه، فإذا جندل اللؤلؤ فوقه صرحٌ أخضرُ وأصفرُ وأحمرُ، ومن كلِّ لونٍ، ثمَّ رفع رأسه، فنظر إلى سقه، فإذا مثل البرقِ، فلولا أنَّ اللَّهَ قدَّره له لألمَّ أنْ يذهب ببصره، ثمَّ طأطأ رأسه فنظرَ إلى أزواجه وأكوابٍ موضوعةٍ، ونمارق مصفوفة، وزرابي مبثوثة، فنظروا إلى تلك النعمة،


(١) في نسخةٍ على حاشية "أ": "يطوفون".
(٢) من "ب، ج، د، هـ".