للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (٥٨) } [الرحمن: ٥٨]، أي لهنَّ ألوان المرجان في صفاء الياقوت" (١) .

وهذا مردودٌ عليه، فإنَّ الآية صريحةٌ أنَّها من فضة، و"من" ها هنا لبيان الجنس كما تقول: خاتم من فضة، ولا يراد بذلك أنه يشبه الفضة، بل جنسه ومادته الفضة، ولعله أشكل عليه كونها من فضة وهي قوارير، وهو الزجاج، وليس في ذلك إشكال لما ذكرناه.

وقوله: {قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا} التقدير: جعل الشيء بقدر مخصوص، فقدرت الصُّناع هذه الآنية على قدر رِيِّهِم (٢) ، لا يزيد عليه ولا ينقص منه، وهذا أبلغ في لذة الشارب، فلو نقص عن رِيِّهِ لنقص التذاذه، ولو زاد حتى يُسْئر (٣) منه حصل له ملالة وسآمة من الباقي.

هذا قول جماعة المفسرين (٤) .

قال الفراء: "قدروا الكأس على رِيِّ أحدهم، لا فضل فيه، ولا عجز عن رِيِّه، وهو الذُّ الشراب" (٥) .


(١) انظر تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة الدينوري ص (٨٠ - ٨١).
(٢) في "ج، هـ": "زِيِّهم" وهو خطأ.
(٣) يسئر: أي يفْضل، قال الليث: يُقال أسأر فلان من طعامه وشرابه سُؤْرًا: وذلك إذا أبقى منه بقيَّة، قال: وبقية كل شيء سُؤْره، انظر: تهذيب اللغة للأزهري (٢/ ١٥٩٢).
(٤) في "هـ"، ونسخة على حاشية "أ": "من المفسرين".
(٥) انظر: معاني القرآن له (٣/ ٢١٧).