للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

استام إلَّا أفرادٌ من العباد، فواعجبًا لها كيفَ نامَ طالبُها؟ وكيف لم يسمح بمهرها خاطبُها؟ وكيف طابَ العيش في هذه الدَّار بعد سماعِ أخبارها؟ وكيف قرَّ للمشتاق القَرار، دون مُعانقة أبكارها؟ وكيف قرَّتْ دونها أعينُ المُشتاقين؟ وكيف صَبَرتْ عنها أنفس الموقنين؟ وكيف صَدَفَتْ عنها قلوب أكثر العالمين؟ وبأيِّ شيءٍ تعوَّضَتْ عنها نفوس المُعْرضِينَ؟

وَمَا ذاك إلَّا غيرةً أنْ يَنَالها ... سِوَى كفئها، والرَّبُّ بالخلق أعلَمُ

وإنْ حُجِبَتْ عنَّا بكلِّ كريهةٍ ... وحُفَّت بما يؤذي النفوس ويُؤْلِمُ

فللَّهِ ما في حشوها من مَسرَّةٍ ... وأصنافِ لذَّاتٍ بها يُتَنَعَّمُ

وللَّه بردُ العيشِ بينَ خيامها ... وروضاتها، والثغرُ في الروضُ (١) يَبسمُ

وللَّه واديها الَّذي هو موعدُ الـ ... مزيد لِوَفْدِ الحُبِّ، لو كُنْتَ مِنْهُم

بذيَّالك الوادي يهيمُ صبابة ... مُحِبٌّ يرَى أنَّ الصبابةَ مغنمُ

وللَّه أفراحُ المُحبين عندما ... يُخَاطِبُهم من فوقهم، ويُسَلِّمُ

وللَّه أبصارٌ ترى اللَّه جهرةً ... فلا الضيمُ يغشاها، ولا هي تسأمُ

فيا نظرةً أَهْدَتْ إلى الوجهِ نَضْرَةً ... أَمِنْ بعدِها يَسلو المحبُّ المُتيَّمُ

وللَّه كم من خَيْرَةٍ إنْ تَبَسَّمتْ ... أضاء لها نورٌ من الفجر أعظمُ


(١) في نسخةٍ على حاشية "أ" "الثَّغر"، وفي "هـ" "مبسم" بدل "يبسم".