للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

ووقع - أدام الله تأييدَه - أمرٌ فزِعْتُ إليه في وقْعه، ورجوتُ إليه جبرَ صدعه، وذلك أنَّ فُلاناً، وفَّقه

الله فيما جُعِلَ إليه، وأوضحَ له مُشْكِل ما يقع بين يديه، لم يَقْنَعْ منِّي مُنْذُ وليَ إلا بالتَّحَيُّفِ والاهْتضَامِ،

والمثول بين يديه في المحاكمة والاِخْتِصَام، ولم يرض بوكيل يكون عِوضاً، وأجعلُ أمري إليه

مفوَّضاً، فعدلتُ - أيدكَ الله - أحكامي عنه، وأَزَلْتُها منه، وآليْتُ أنْ أصرفها إلى منْ يُزيلُ تخْييلها،

ويسْلُكُ بها سبيلها.

وقد كان خاطبه القاضي فلان - وفَّقه الله - بعقودٍ، أَثَارَتْها غَوائِلُ وحُقُود، لَيس بها على مُثْبِتِها،

ولَيْس عليه قبل تَثَبُّتِها. فلما أعادَ نظرها، وأجاد تدبرها، بان لديه تَدْليسُها، واستبانَ إليه تَلْبيسُها،

فشاوَرَ، الفقهاء بالأندلس والعدوة، واتخذهم قادة وهو القدوة، فأجْمَعُوا على تَقْطيعِها، والتَّنْكيل لمُشيعِها

ومُذيعِها. ونفذَتْ بذلك فتاويهم، واتفق عليها قاضيهم، فتلوَّمَ فلان المذكور في ذلك واشتمل عليها

واحتوى، ثم زعم أنها ضاعت من مُسْتَوْدَعِه، وأُخِذَتْ من مرْفَعِه. وأنا أضْرعُ إلى أمير المسلمين -

أيده الله - في مُخاطَبَتي بإِسْلامِها إليَّ، وصرفها عليَّ، والله تعالى يُبْقيه للعدل سِرَاجاً وهَّاجاً، ولا يُبقي

به منَ الأمور اعوِجاجاً.

وله في مثل ذلك:

أطال اللَّهُ بقاءَ الأمير الأجل، ناصر الدولة، ومحي الملة، الحميد الشِّيِم، البعيد مناطَ الهمم خافقة،

وآياتِ الأمل نافقة، لديه سنياتُ الأعمال، لو أنَّ النجومَ - أيدك الله - عن أفْلاكِها مُنْتَقِلَةٌ، وبمنازلها

مسْتَبْدِلة، لَمَا اتَّضحت إلا في جَبِينِكَ، ولا ارتاحتْ إلا إلى يمينك. هذا ومنها الثُّريَّا والسِّماك، ومَطالعها

بروجٌ وأفْلاك.

فكيف لا تَحْتَشِدُ لديك الهمم، وتَرِدُ موارِدَ نداكَ الأممُ، ومَكَانها

<<  <  ج: ص:  >  >>