للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن الكلام مدة، فتكبّرت على الرشيد أن ترجع إليه بدلالة الحبّ. وتكبّر الرشيد عليها بعِزَّة الملك. فكتبت إلى عنان، جارية

الناطفي، تستشيرها في ابتداء الصلح، فكتبت عنان إليها:

الحُبُّ أَرْزَاقٌ ولكنما ... للحبِّ أسبابٌ تُقوِّيهِ

فساعدي مولاكِ في كُلِّ مَا ... يَطلبُه منك ويُرضِيهِ

لاتستزيديه النوى كارهاً ... لكن بما يهوى استزيديهِ

فانما يرعى الهوى بالهوى ... وليس يرعى الحب بالتيهِ

فلما قرأت الأبيات عَلِمْت أنها قد نصحتها، فتزينت أحسنَ زينة، ثم جاءت إلى الرشيد، فَأَكبَّتْ عليه،

فقال لها: كَيْفَ كَانَ هَذاَ؟ وماَ حَمَلك على ما فعلت الآن؟ فأخبرته الخبر، فضحك وأمر لعنان بجائزة

سنية، وأمرت لها هي بمثلها.

وحكى علي بن الجهم أيضا، قال: كان للمتوكل جارية تدعى محبوبة، وكانت في نهاية من الظرف،

والأدب، والحسن، والجمال. فكان المتوكل معجبابها؛ فغضب عليها لسبب اتفق بينهما، ومنع جواري

القصر من كلامها. فبقيت في حجرتها لايكلمها أحدٌ أياما. فرأته ليلة من الليالي، كأنه قد

<<  <  ج: ص:  >  >>