للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل في الكتابة]

قال: وأما الكتابة فهي تِلْوُ الخِلاَفة في القدر، وقريبة منها في الخطر، وهي أجلُّ ما طُلب وأشرف ما فيه

رُغِّبَ، وأحسنُ ما عُمل وأفيَدُ ما انْتُحِل، وأبْهَجُ ما به تُحَلي، وأعذبُ ما سُمع ووُعي. ووصف الله

تعالى بها ملائكته المقربين، فقال سبحانه وهو أصدق القائلين (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ).

وهي منصوصة في غير ما موضع في كتابه المكرم، وبها فُسِرَ قوله تعالى (عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) ولا نشك أنها من الله

تبارك وتعالى هبَةٌ وإلهامٌ، وزيادةٌ فيمن خَصَّ بها من الأنعام. لا تتعاطاها الأفهام، ولا ينفك بابها من

استغلاقٍ واسْتِبهام، وما زال حامِلها للدولة قُلْباً، ولرحاها قُطْبا. جديراً أن يكون النُّجْحُ معقوداً بنواصي

آرائه، واليُمنُ معهوداً في مذاهبه وأنحائه، يُبدي فوائدهُ، ويُخْفي مكائده، ويَنْطِقُ بفصل مُشكلات

الأمور لسانه، وتخطُّ محْكماتها بنانُه، وتُقتَبَسُ أنوار السياسة منه، وتؤخَذُ آثارها عنه، وهو مُدبِّرُها

ولِسانُها، وحامل لوائها

<<  <  ج: ص:  >  >>