للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكيفَ إذا زَادَ عَلَيْهما؟ ودليلُ ذلك إعرابُ الفِعْلٍ لِشَبَهِهِ بالاسمِ، ومنعِ التَّنوين والجَرّ مما لا يَنْصَرِف. وباعتبارِ هذا الشَّبه رَفَعَتْ ((ما)) المُبتدأ وعملتْ فيه، وكلُّ ما اقتضى اسمين وعَمِلَ في أَحَدِهِما عَمِلَ في الآخَرِ.

والوَجه [الثاني]: أنَّ خبرَ ((ما)) وجدناه منصوباً، ولا بدَّ له من ناصبٍ، ولا يجوزُ أن يكونَ النَّاصِبُ حذفَ حرفِ الجَرِّ لِوَجْهين:

أحدُهما: أن حرفَ الجَرِّ هُنا ليس بأصلٍ، بل هو زائدٌ دَخَلَ فَضْلَةً مؤكِّدَةً، وما هذا سَبِيلُهُ لا يُجْعَلُ مقدّماً في الرُّتبةِ حتى يُقال لما حُذِفَ انتَصَب، بل النَّصْبُ هُنا قبلَ الجَرِّ.

والثاني: أن الحذفَ عَدمٌ، والعَدمُ غيرُ صالحٍ للعملِ، ويدلُّ على ذلِكَ أنا وَجَدْنا حَرْفَ الجَرِّ يُحْذَفُ في كثيرٍ من المَواضعِ، ولا ينتصبُ ما يُحذَفُ عنه كقولك: بِحَسْبِكَ قول السّوءِ. فلو حَذَفْت لقُلْتَ: حَسْبُكَ بالرَّفعِ، وكذلك {كَفى باللهِ شَهِيْداً} وما جاءني من أَحَدٍ، وله نَظائرُ كثيرةٌ. واحتجَّ الآخرون بأن ((ما)) حرفٌ يدخلُ في الأسماءِ فلا اختِصاص له وما هذا شأنه لا يَنبغي أن يَعملَ، فأحسنُ أحوالِهِ أن يعمل في الاسمِ الواحدِ، ويكونُ العملُ في الاسمِ الآخرِ لحرفِ الجرِّ في قولِكَ: ما زيدٌ بقائمٍ، إلاّ أنه حُذِفَ تَخْفِيْفاً فانتصبَ الاسمُ بعده؛ لأنَّ شأنَ حرفِ الجرِّ شأنُ الظُّروفِ، والظُّروفُ مَنصوبةٌ، فيكونُ الجارُّ والمَجرورُ كالظرفِ، فإذا

<<  <   >  >>