للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالجوابُ أنَّ وجهَ المَنعِ ما ذكرنا وهو معنى مُتَّفَقٌ عليه في الاستفهام فيلزمُ مثله في النَّفي، وأما بقيةُ حروفِ النَّفيِ فسنُجيبُ عنها في جوابِ شُبهتِهِمْ.

واحتجَّ الآخرون بأن المُقتضى للنفي موجودٌ والمانع مفقودٌ فلم يبقَ من النَّصب مانعٌ، أما المُقتضى فقوله آكل كما تقولُ: يأكلُ وأما ((ما)) فغيرُ مانعةٍ لما ذكرنا من أن ((لَمْ)) و ((لَنْ)) و ((لا)) لا يَمتَنِعُ مع مشاركتها ((ما)) في النَّفي.

والجوابُ: أمَّا المقتضي فمسلّمٌ وجودُه، ولكن المانع موجودٌ وهو أرجحُ من المُقْتَضِي، ألا تَرى لو قلتَ: زيداً أَتضربُ؟ لم يَجزْ مع أنَّ ((تَضْرِب)) مُقْتَضٍ للنَّصب، ولكن حرفَ الاستفهامِ منعَ من ذلِكَ؛ لأنَّ له صدرَ الكَلامِ ولذلك لَو قُلت: أَزيداً تَضْرِبُ؟ جازَ النَّصبُ لما تَقَدّمَ الاستِفهامُ فبانَ أنّه هو المانِعُ، و ((ما)) في ذلِك كهمزة الاستفهامِ.

فأما ((لَم))، و ((لَن)) فالفرق بينهما، وبين ((ما)) أنَّهما مُختصَّانِ بالفعلِ والمُختَصُّ بالشّيء كالجزءِ منه، ولما جازَ تقديمُ معمولِ عليه جازَ تَقديمه على ما هُو كالجُزْءِ منه، وليسَ كذلك ((ما))؛ لأنَّها لا تختصُّ بالفعلِ بلْ تَدخُلُ على الأسماءِ والأفعالِ فكانت قائمةً بنفسِها، لا كالجزءِ مما بعدَها كالاستفهامِ.

وأمَّا ((لا)) فإنَّها وإن دَخلت على الأسماءِ والأفعالِ فهي مُختصَّةٌ بنفي ما في الحالِ، هذا هو الأَصلُ فيها، ودخولُها لغير ذلك مجازٌ وتَوَسُّعٌ، ويدلُّ على ذلك أنَّ ((لا)) تَقَعُ على مَعَانٍ كالنَّهِي، والنَّفْيِ والعَطْفِ كقولِكَ:

<<  <   >  >>