للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنفسهم، ولكونهم مختلفين حول النظر في توجيه هذا التعليم. ومن ثمة ليس في قدرتهم (المترجمين) مراقبة المدرسين المسلمين في المساجد الذين يقدمون الفقه على النحو ويتناولون أبواب الجهاد والرق ونحوهما. ولماذا يفضل المدرسون الفقه؟ يقول بيل أنهم يفعلون ذلك لسببين: ارتباط الفقه بالدين، وهم فيه يظهرون براعتهم أمام تلاميذهم، وكون التلاميذ أنفسهم يرغبون في دخول المحاكم لوجود الأماكن الشاغرة فيها (١).

وكان الحاكم العام نفسه، وهو شارل جونار CH. Jonnart، أثناء عهده الأول، قد افتتح هذا النوع من التدريس وشجعه. وقد أصدر بيانا إلى جميع المسؤولين في القطر الجزائري طالبا منهم حث الناس، ولا سيما من يرغب منهم في إحدى الوظائف المخصصة للجزائريين كالتعليم والقضاء، على حضور دروس المساجد التي يقوم بها موظفون رسميون، وخصوصا دروس النحو والصرف والحساب والفرائض والأدب والحديث والتفسير. وقد ذكر الحاكم العام بأن هذه الدروس المسجدية تخدم نفس الهدف الذي وضعه الإصلاح سنة ١٨٩٥ (٢).

وقد استمر شارل جونار في تشجيع هذا النوع من التعليم المسجدي حتى أثناء عهدته الثانية والطويلة كحاكم عام للجزائر. ففي ٦ مايو ١٩٠٥، وعشية انعقاد مؤتمر المستشرقين ١٤ بالجزائر أصدر قرارا بتنظيم التعليم المذكور وتوسيعه، ولكنه استجاب للنقد السابق، فوضع الرقابة على الدروس في أيدي مدراء المدارس الشرعية، وهم بالطبع مستشرقون فرنسيون مهرة يخدمون الإدارة قبل خدمتهم لمهنة التعليم أو فائدة الجزائريين منه. وقد جعلت الرقابة (التفتيش) سنوية وبطريقة فعالة. وسندرس ذلك بعد قليل في الحياة التطبيقية. وفي منشوره إلى الولاة المدنيين والحكام العسكريين أشار جونار إلى الهدف من تدريس المدرسين في المساجد: أن مهمتهم هي تكميل


(١) الفريد بيل (مؤتمر ...)، مرجع سابق، ص ٢٦٤.
(٢) (المبشر)، ٢٤ نوفمبر، ١٩٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>