للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بطولقة. فذهب إليها الفتى الحفناوي، بعد أن تعلم على والده مجموعة من المبادئ في النحو والصرف والعروض والفقه والتوحيد والمنطق والحساب والبلاغة. كانت تلك أول غربة للفتى الحفناوي حيث قضى في زاوية طولقة أربع سنوات. ولكن ذلك لم يشبع نهمه العلمي فتوجه بعد ذلك إلى زاوية ابن أبي داود بتاسلنت في زواوة، وهي الزاوية التي تخرج منها أيضا محمد بن بلقاسم مؤسس زاوية الهامل. وقد أشاد الحفناوي بزاوية ابن أبي داود في مؤلفاته، فقال إنها أم الزوايا العلمية. ولا ندري كم بقي هناك، إذ رجع ليدرس الحديث على الشيخ محمد بن بلقاسم الهاملي في زاويته الجديدة. ولكن تعطشه للعلم أبى عليه أن يرضى بما عنده، فذهب إلى نفطة حيث الزاوية العزوزية الشهيرة بالعلم والطريقة الرحمانية. ومن الملاحظ أن الزوايا التي تردد عليها الشيخ الحفناوي كلها رحمانية. ولا ندري إن كان قد اكتفى بنفطة أو ذهب أيضا إلى حاضرة تونس.

وبعد سنوات من الرحلة في سبيل العلم والتلقي عن شيوخ كثيرين، توجه إلى العاصمة سنة ١٨٨٣ في ظروف غير معروفة. وتولى بها وظيفة رسمية بعد سنة من وصوله، يقولون أنه جاء العاصمة ليبحث عن مسائل في كتب التراث. ولكن العاصمة عندئذ كانت مدينة أروبية، فهل أرسلته بعض الجهات في المكتب العربي لهذا الغرض (١)؟. ومنذ وصوله لاحظ عليه المستعرب (الشيخ آرنو)، مدير جريدة المبشر النباهة فأخذه عنده ليخلف الصحفي الشهير أحمد البدوي. وكان آرنو Arnaud متوليا أيضا وظيفة (رئيس المترجمين) بالإدارة الفرنسية، فلازمه الحفناوي فترة طويله، وتعلم على يده اللغة الفرنسية، والعلوم العصرية، كما يقول الحفناوي عن نفسه، وظل الحفناوي في جريدة المبشر إلى أن توقفت عن الصدور سنة ١٩٢٧. وكان يقوم فيها بدور المحرر والمصحح، ولكن الموضوعات كانت من اختيار


(١) كان لويس رين L.RINN عندئذ يجمع مادة كتابه (مرابطون وإخوان). وكان رين وهو من الضباط، مديرا مركزيا للشؤون الأهلية. فهل مجيء الحفناوي عندئذ إلى العاصمة له صفة بهذا الموضوع؟.

<<  <  ج: ص:  >  >>