للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرنسية جعلت المنطقة هدفا منذ احتلالها، ١٨٥٧، وقد ازداد الاهتمام الخاص بها منذ ثورة ١٨٧١. ويخبرنا أحد الذين عملوا طويلا كإداري هناك، أن الحكومة الفرنسية قد تعاونت في ذلك مع الكنيسة منذ الستينات - عهد الجوائح الشهيرة وعهد الحاكم العام ماكماهون والكاردينال لا فيجري Lavigerie ويقول بوجيجا إن الكاردينال قد حاول أن يحتل أرواح وقلوب سكان المنطقة، بعد أن احتل الجيش الفرنسي أرضهم وديارهم، فأنشأ الكاردينال هناك إرساليات الآباء البيض قبل ١٨٧٠. وحاول الجزويت نشر التعليم الذي كانت الحكومة تمنعه في فرنسا. ثم قام لافيجري بعد ذلك بإرسال الآباء والأخوات البيض إلى هناك فرفضهم السكان وطردوهم خلال بضعة أشهر، فاستقروا في الجنوب. وبعد محاولة أخرى ابتداء من سنة ١٨٧٣، أي أثناء الاضطهاد الجماعي والمصادرة والنفي إثر ثورة ١٨٧١، مهدت مدارس الآباء البيض للحكومة الفرنسية لكي تنشئ بعض المدارس الخاصة بمنطقة زواوة (القبائل) سنة ١٨٨٢. ويقول بوجيجا أيضا أن تجربة الحكومة لم تستمر لأسباب محلية، بينما استمرت جهود الآباء البيض (١).

في هذا الإطار يجب النظر إلى التعليم الذي كانت تقوم به الزوايا في منطقة زواوة. إنه تعليم يدخل في نطاق المقاومة والمحافظة على الذات في وجه الغزو التنصيري الذي جاء في أعقاب الغزو العسكري للمنطقة. وبشهادة الدارسين الفرنسيين أنفسهم، فإن هناك تعاونا وثيقا بين مختلف الجهات الفرنسية: الجيش والكنيسة وإدارة التعليم بهدف التسرب إلى المنطقة والتحكم في أرواح أهلها وقلوبهم، حسب تعبير الكاردينال نفسه. وكان الفرنسيون يعيشون في خوف دائم من شبح ثورة أخرى شبيهة بثورة ١٨٧١ ومن تجذر الإسلام في المنطقة، ويقول ليونار بارليت L.Barlete سنة ١٩١٣، وهو يتحدث عن بلدة ذراع الميزان التي عمل فيها طويلا وكتب عنها: (إن الإسلام هنا منطبع ومنقوش العمق مما يجعل إزالته ليس بالأمر الهين في المدى القريب) (٢).


(١) إيمانويل بوجبجا، مرجع سابق، ٥٤.
(٢) ليونار بارليت، عمل متصرفا لبلدية ذراع الميزان المختلطة عندئذ، وكانت تشمل =

<<  <  ج: ص:  >  >>