للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التعليم الفرنسية. فبعد إهمال مطلق للتعليم بين ١٨٣٠ - ١٨٣٦ أنشئت في هذه السنة أول مدرسة موجهة للأهالي وسميت بالمدرسة الحضرية - الفرنسية في مدينة الجزائر. أنها (حضرية) لأنها موجهة إلى سكان المدينة فقط، بينما سكان الجزائر الآخرون مسكوت عنهم تماما. وهي (فرنسية) لأنها كانت تستهدف دمج المسلمين في الفرنسيين عن طريق اللغة الفرنسية التي كان يعلمها فرنسي. وهل تظن أن السلطات الفرنسية قد بنت فعلا هذه المدرسة من حر مالها للجزائريين؟ لا، أبدا، إنها فقط بناية صادرتها هذه السلطات من الأوقاف الإسلامية. فهي مدرسة أو زاوية إسلامية أصبحت موطنا لأقدام الفرنسيين يعلمون فيها أبناء المسلمين في دعواهم ويؤثرون فيهم. هذا جانب من التمييز العنصري. أما الجانب الآخر فهو أن الفرنسيين قد تركوا الخواص الأوروبيين يفتحون المدارس الابتدائية للنصارى واليهود بين ١٨٣٠ - ١٨٣٢. وفي السنة الموالية (١٨٣٣) تدخلت السلطة وأنشأت مدرسة سميت بمدرسة التعليم المشترك mutuel، وهي طبعا موجهة لأبناء النصارى واليهود ولمن أراد من المسلمين. وتذهب المصادر إلى أن بعض التلاميذ المسلمين قد دخلوها، ثم تناقص عددهم خوفا من التحول الديني. وقد رفص هؤلاء الأطفال أن يتوسموا بوسام المدرسة حتى لا يتهموا بأنهم نصارى (فرنسيون). ولكن ما هذا الوسام؟ لقد كان على أولياء التلاميذ في مدينة الجزائر أن يقبلوا بالدخول إلى هذه المدرسة (المشتركة) تحت الرعاية الفرنسية وبالبرنامج الفرنسي أو يبقى أبناؤهم في جهل تام (١).

وفي سنة ١٨٤٨ حل النظام الجمهوري محل النظام الملكي في فرنسا، وكان لذلك أثره على التعليم في الجزائر. لقد جاءت الجمهورية الثانية الليبرالية جدا بشعار دمج الجزائر في فرنسا، والمقصود هنا دمج المصالح الإدارية والتشريعية والمالية في مثيلاتها في فرنسا. وهذه الفلسفة (الاندماج) جاءت نتيجة تغييرات دستورية وهي أن الجزائر قد أصبحت في نظر


(١) سنذكر أن تجربة مدرسة التعليم المشتركة للمسيحيين واليهود قد أنشئت أيضا في وهران وعنابة في نفس الفترة.

<<  <  ج: ص:  >  >>